وتركتني.
كان ثمة كنبة عريضة، ذات رياش سميك أبيض اللون تمتد بطول أحد الجدران، تحمل عددا لا حصر له من الوسائد الصغيرة في ألوان من درجات الأبيض والبني. وأمامها مقاعد من نفس الطراز. وطاولة خشبية واطئة، ذات سطح مصقول وحافة سميكة.
وحل محل الجدار الثاني، مصراعان كبيران منزلقان من الزجاج، ظهرت خلفهما قاعة أخرى، تدور بجدرانها مقاعد ذات ظهور عالية مذهبة، ومزينة بالنقوش العربية، وطاولات صغيرة تعلوها صوان من النحاس، استقرت بينها مرآة كبيرة، أوشكت أن تلمس السقف.
أما الجدار المواجه للكنبة، فشغلته ثلاث لوحات زيتية ذات أسلوب حديث، ومكتبة خشبية.
اقتربت من المكتبة، وقلبت بين كتبها. كانت هناك نسخة فاخرة من القرآن، وعدة روايات لإحسان عبد القدوس، وطبعة جيب من كتاب الدكتور سبوك عن رعاية الطفل، وترجمة إنجليزية لرواية فرنسية تدعى «إنجيليك والسلطان»، بالإضافة إلى عدة مجلات أمريكية، وأخرى نسائية فرنسية. وتبينت فيما خلته للوهلة الأولى صفا من كتب الجيب الأمريكية، علبا من أفلام الفيديو، تضم أحدث الميلودرامات المصرية. وكان الجهاز نفسه فوق رف مستقل. وانفردت صورة فوتوغرافية متوسطة الحجم لعدنان الصباغ، في إطار مذهب، برف آخر.
تأملت وجهه الباسم، ثم اتجهت إلى مقعد بمسندين إلى جوار الكنبة، فغصت فيه. ورحت أتأمل واحدة من اللوحات الزيتية تتألف من صفوف طولية متوازية من مربعات بيضاء صغيرة تحيط بها مربعات حمراء أكبر منها حجما. وفي نقطة من منتصف اللوحة، لا تتضح لأول وهلة، كان الحال ينقلب، فتصبح المربعات الحمراء هي الأصغر داخل المربعات البيضاء.
أحضرت فتاة عادية الملامح، في ملابس نظيفة وحذاء ، صينية الشاي. وكان الإبريق الخزفي على شكل عصري ذي خيوط انسيابية، ويد عريضة مطلية بماء الذهب. وتألف إناء السكر من كتلة واحدة يعترضها في المنتصف خط رفيع لا يكاد يبين، يفصل بين الإناء وغطائه المذهب.
صببت لنفسي فنجانا، وقلبت محتوياته بملعقة مذهبة. وكنت أهم بإشعال سيجارة عندما عادت لميا، فجلست على الكنبة، وسألتني أن أعطيها واحدة.
قالت: هل أعجبك منزلي؟
قلت: جدا. رغم أني لم أر غير جانب صغير منه.
Shafi da ba'a sani ba