Tsakanin Addini da Falsafa
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Nau'ikan
هذه هي الأصول الهامة التي أمكن استخلاصها من كتابه القيم الآنف الذكر، والتي على هداها سار ابن ميمون في تأويلاته، ومنها يتبين أنه كان يسير على الجادة التي سار عليها قبله وبعده أمثاله من رجال الدين الفلاسفة والمفكرين.
وهنا، نجد من المهم أن نلاحظ أنه كأمثاله من الذين اصطنعوا التأويل في الكتب الوحيية، قد عمل على أن تتفق التوراة والعقل، أو بالفلسفة السائدة في عصره بتعبير آخر، هذه الفلسفة التي كانت في رأيه مفتاحا لفهم بعض ما جاءت به كتب الأنبياء،
31
ولكن نجد له مع هذا ما يدل بوضوح على تقديره للتوراة أكثر من تقديره للفلسفة.
وذلك بأنه قد يستعين حقا ببعض الآراء الفلسفية الصحيحة على فهم بعض ما جاء في التوراة كما قلنا، وقد يؤول بعض نصوصها تأويلا مجازيا لتتفق وما قام الدليل القاطع على صحته من الآراء الفلسفية كما ذكرنا آنفا أيضا، ولكنه مع هذا وذاك لا يجنح إلى التأويل إذا كان الأمر على غير ما ذكر، بل يقبل الحل الذي جاء في التوراة عن الأنبياء بلا تأويل.
ولذلك نراه يلوم جد اللوم الذين قالوا بقدم العالم تقليدا لأرسطوطاليس وغيره من الذين يعتبرون حجة في الفلسفة، دون دليل صحيح قاطع بالقدم، ثم رفضوا لهذا ما جاء به الأنبياء مما يثبت الحدوث.
الأمر واضح إذن، إن صاحب «دلالة الحائرين» يؤمن إيمانا تاما بأن ما قام عليه الدليل العقلي الصحيح القاطع لا يمكن أن يتناقض أو يتعارض وما جاء به الوحي، فإن أحسسنا تعارضا بينهما كان ظاهريا يجب أن يزول بتأويل النص، أو إذا لم يكن الدليل صحيحا قاطعا، وجب قبول ما جاء به الوحي؛ حتى ولو كان تأويله ممكنا، وحتى لو كان الرأي الفلسفي لأرسطوطاليس أو غيره من مشاهير الفلاسفة.
ومهما يكن فإن ابن ميمون بما ذهب إليه من التأويل حين يراه ضروريا قد وجد ما رآه حقا من فلسفة أرسطو في التوراة والتلمود،
32
وإنه قد أعاد في رأيه بصنيعه الطمأنينة للمحتارين المترددين، وحقق في رأيه أيضا ما عمل له من التوفيق بين الفلسفة اليونانية والوحي الموسوي.
Shafi da ba'a sani ba