Tsakanin Addini da Falsafa
بين الدين والفلسفة: في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط
Nau'ikan
ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما .
50
وبالجملة إنه متى علمنا مما تقدم أن هناك رسلا من الله لخلقه، وأن الأمور المعجزة لا تكون إلا منهم، كان المعجز دليلا على صدقهم. لكن ابن رشد يفرق بين نوعين من الأمور المعجزة، فهناك المعجز الذي يسميه المعجز البراني، وهو الذي لا يناسب الصفة التي بها سمي النبي نبيا، وهناك المعجز الآخر المناسب لهذه الصفة، والمعجز من النوع الأول هو طريق الجمهور وإيمانه بالنبوة، والثاني هو طريق مشترك بين الجمهور والعلماء كل بحسب طاقته، ولكن إذا تأملنا الشريعة وجدنا أنها اعتمدت المعجز المناسب.
51
هكذا اختتم ابن رشد الكلام في بعثة الرسل، ونقول: لعل الحق هو أن الشريعة اعتمدت في إثبات الرسالات الإلهية على هذين النوعين من الإعجاز أو المعجزات، وبخاصة ما يتعلق بنبوة موسى وعيسى عليهما السلام، إذا لاحظنا أن ما تقدم به كل منهما دليلا على صدق رسالته، كان من قبيل ما سماه فيلسوفنا بالمعجز البراني، وذلك مثل انقلاب العصا حية، وانفلاق البحر لموسى عليه السلام، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص لعيسى عليه السلام، ولكن القرآن العظيم وهو معجزة رسولنا
صلى الله عليه وسلم
يعتبر بلا ريب من قبيل المعجز المناسب لرسالته. (8) العدل والجور
هذه مسألة من المسائل الهامة التي ثار من أجلها الخلاف واشتد النزاع بين الأشاعرة وبين المعتزلة والفلاسفة، ومن ثم نرى ابن رشد في بحثه لها لا يذكر المعتزلة في نقده، على حين ينال الأشاعرة بفيض من نقده اللاذع الشديد.
وهي مسألة تقوم في أساسها على مسألة الحسن والقبح في الأفعال، أذلك يرجع إلى العقل، كما يرى المعتزلة والفلاسفة، أم إلى الشرع كما يرى الأشاعرة؟ ولذلك سنرى كل فريق يبني رأيه في مسألة العدل والجور على رأيه في مشكلة الحسن والقبح.
ويبدأ فيلسوف الأندلس البحث بقوله: «قد ذهبت الأشعرية في العدل والجور في حق الله سبحانه إلى رأي غريب جدا في العقل والشرع، أعني أنها صرحت من ذلك بمعنى لم يصرح به الشرع بل صرح بضده.»
Shafi da ba'a sani ba