Tsakanin Zakin Afirka da Damisar Italiya: Nazari, Tarihi, Halayya da Al'umma kan Matsalar Habasha da Italiya
بين الأسد الأفريقي والنمر الإيطالي: بحث تحليلي تاريخي ونفساني واجتماعي في المشكلة الحبشية الإيطالية
Nau'ikan
فالزعيم حاذق في حفر فكرته في أذهان أتباعه، فإذا فاز الزعيم في غرس فكرته في أذهان البعض فقد ضمن الفوز على الجميع بحكم العدوى المعنوية والتقليد، وهما قوتان عظيمتان كائنتان في الجماهير تدعمان مواهب الزعيم، وتشدان أزره.
وقد تبدأ الأفكار في الطبقات النازلة ثم ترتقي إلى الطبقات الوسطى فالعليا مثل انتشار أفكار الثورة الفرنسية، وارتقائها من طبقات الشعب إلى الوزراء والعلماء، وكذلك الأديان فإنها تنتشر أولا عند المظلومين والمعوزين والمحتاجين إلى استعادة كرامتهم وحقوقهم. وهذا سر انتشار النصرانية بين الضعفاء والفقراء ، وقد سادت الاشتراكية أولا طبقات العمال حتى وصلت إلى العظماء، فصار منهم اشتراكيون متطرفون، وكان عدد الذين دخلوا في زمرة الإسلام من الأغنياء والكبراء محدودا، ثم أقبل عليه كل فقراء مكة والجزيرة؛ لأنه دين مساواة «وأكرمهم عند الله أتقاهم»، فاستظلوا بسلطانه عليهم.
فالعمال لا يخضعون، والزراع لا يطيعون أحدا إلا إذا كان ذا نفوذ قوي عليهم، ولأن الأفراد إذا اجتمعوا شعروا بالحاجة إلى الطاعة، وهم يخضعون لمن ادعى السيادة عليهم.
وقد أدت تلك الحالة وضعف الحكومات في بعض ممالك أوروبا إلى حلول بعض الزعماء محل السلطات الحاكمة، ومحو تلك السلطات وتلاشيها في أشخاصهم.
وقد تجلت الزعامة الحربية في رجال أمثال نابليون بونابرت الذي جمع بين صفات الزعامة، كقوة الإرادة والقدرة على إقناع الجماهير، وبين الكفايات الحربية والسياسية التي أهلته إلى الانتفاع بمواهب الزعامة في إنتاج أعمال مثمرة لوطنه ولنفسه.
وقد دلت دراسة أخلاق الزعماء ونفسياتهم على أن نوعا منهم حبته الطبيعة بالحزم والعزم والإرادة الثابتة، ولكنها منحت تلك المواهب إلى حين، وهؤلاء يشبهون النجوم ذوات الأذناب التي لا تلبث أن تظهر وتخترق الجو في سرعة مدهشة حتى تختفي.
أما النوع الآخر فقد حبته الطبيعة بالمواهب الكاملة وقوة الإرادة مع الثبات والدوام والاستقرار، فالنوع الأول أمثال روبسبيير، وغاريبالدي، وميرابو، ودانتون، والنوع الثاني أمثال الأنبياء، وكبار المصلحين.
وإن هذا الرأي لا ينافي الحقيقة الواقعة، وهي أن أصل الأفكار الكبرى المحركة للعالم تبدأ عند العظماء، ثم تنتشر رويدا في الدهماء، ثم ينتحلها الخاصة بحكم التقليد، أو الاقتناع الوقتي، أو الاضطرار حتى تصير حقائق راسخة.
وقد تمضي حقبة طويلة لتمام هذه الدورة العجيبة.
فإذا ما بث الزعيم من أي نوع، فكرته في أتباعه؛ أمست له عليهم سيطرة وسلطان ونفوذ. وهذه المظاهر تولد الطاعة والاحترام حتى يصلا إلى أعلى درجات الإعجاب التي تشبه العبادة؛ ولذا ترى القرآن يذكر النبي والمؤمنين بأنه مذكر، وليس عليهم «بمصيطر»، أي منفرد بالسلطان، ولكن السيطرة المعنوية كائنة لا ريب فيها.
Shafi da ba'a sani ba