وهزت كتفيها استهانة، ثم سألته في اهتمام غير خاف: متى رافقتها؟
فلوح السيد بذراعه كأنه يقول: «ما أبعده من زمن!» ثم تمتم: منذ أزمان وأزمان!
فضحكت في تهكم وقالت بنبرات تنم عن التشفي: في أيام الشباب الذي مضى!
فرنا السيد إليها معاتبا، ثم قال: بودي أن أمص من لسانك الأذى.
ولكنها واصلت حديثها بنفس اللهجة قائلة: أخذتك لحما وتركتك عظاما.
فأومأ إليها بسبابته محذرا، وقال: إني من صلب رجال يتزوجون في الستين. - بدافع العشق أم بدافع الخرف؟!
فقهقه السيد قائلا: يا ولية اتقي الله، ودعينا نتكلم في الجد. - الجد؟! ... أتعني إحياء الليلة التي جئت تتفق عليها؟ - أعني إحياء العمر كله. - كله أم نصفه؟! - ربنا يقدرنا على ما فيه الخير. - ربنا يقدرنا على الطيب.
واستغفر الله في سره مقدما ثم تساءل: نقرأ الفاتحة؟
ولكنها نهضت بغتة متجاهلة دعوته وهتفت متظاهرة بالجزع: رباه ... سرقني الوقت ولدي الليلة عمل هام.
ونهض السيد بدوره، ومد يده فتناول يدها ثم بسط راحتها المخضبة بالحناء، ورنا إليها بشوق وافتتان، وأصر على احتفاظه بها رغم جذبها إياها مرة ومرتين، حتى قرصته في أصبعه ورفعت يدها إلى شاربه، وصاحت به مهددة: دعني أو تخرج من بيتي بفردة شارب واحدة.
Shafi da ba'a sani ba