Tsakanin Fadoji Biyu

Najib Mahfuz d. 1427 AH
165

Tsakanin Fadoji Biyu

بين القصرين

Nau'ikan

فقالت خديجة: دعيني أعد لك أملاكه، اسمعي يا ستي: دكان الحمزاوي وربع الغورية وبيت قصر الشوق ...

فقال ياسين وهو يهز رأسه مغمضا عينيه: ومن شر حاسد إذا حسد ...

فتابعت خديجة حديثها دون مبالاة بمقاطعته: وما خفي من الحلي والنقود المخبأة أعظم ...

فهتف ياسين في أسف صادق: اختفت كلها وحياتك، سرقت، سرقها ابن الكلب، جعلت أبي يسأله عما إذا كانت تركت حليا أو نقودا، فقال اللص: «ابحثوا بأنفسكم، علم الله أني كنت أنفق عليها في أثناء مرضها من جيبي الخاص» ... اسمعوا يا هوه ... جيبه الخاص ابن الغسالة!

فقالت عائشة بتأثر: يا ولداه! ... مريضة طريحة الفراش تحت رحمة رجل طامع في مالها! ... لا صديق ولا حبيب، غادرت الدنيا من دون أن يحزن عليها أحد.

فتساءل ياسين: من دون أن يحزن عليها أحد؟!

فأشارت خديجة من خلال باب موارب إلى ملابس ياسين المعلقة بالمشجب، وقالت محتجة احتجاجا ساخرا: وهذا البابيون الأسود؟! ... أليس آية على الحزن؟!

فقال ياسين جادا: لقد حزنت عليها حقا، ربنا يرحمها ويغفر لها، ألم نكن تصافينا في آخر لقاء؟ الله يرحمها ويغفر لها ولنا.

فخفضت خديجة رأسها قليلا رافعة حاجبيها، ثم نظرت إليه من أعلى، كمن ينظر من فوق نظارته وهي تقول: إحم ... إحم ... اسمعوا سيدنا الواعظ (ثم وهي ترميه بنظرة شك) ولكن لم يبد عليك فيما أظن حزن شديد؟!

فرماها بنظرة مغيظة قائلا: ما قصرت في واجبي نحوها والحمد لله، أقمت لها مأتما استمر ثلاث ليال، وكل جمعة أزور القرافة محملا بالرياحين والفواكه ... أم تريديني ألطم وأعول وأحثو التراب على رأسي! إن للرجال حزنا غير حزن النساء.

Shafi da ba'a sani ba