1 - ذكر نبذ تتعلق بالتمدن الإسلامي
2 - ذكر نبذ تتعلق بالتمدن الأوروباوي
البيان في التمدن وأسباب العمران
البيان في التمدن وأسباب العمران
تأليف
رفيق العظم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تفضل على هذا النوع البشري بأن زينه بالعقل، وجعله له حجة يرجع إليها إذا اكفهرت ظلمة الجهل. من قضت حكمته بأن التقدم والعمران موقوفان على العدل والإحسان واتباع ما جاءت به الرسل من البيان. وصلى الله على سيدنا محمد أعظم الأنبياء شأنا وأوضحهم محجة وبرهانا، الذي امتدت أشعة نبوته في جميع الأقطار، فأبانت للناس سبل التمدن بما انبعث عنها من الأنوار، وعلى آله شموس الآفاق، وأصحابه المنعوتين بمكارم الأخلاق. وبعد؛ فلما كانت الألفة الجنسية والرابطة الوطنية مما يدعوان الإنسان إلى كل عمل تنشأ عنه فائدة الأوطان، لا سيما وطننا الكريم؛ فإنه باحتياج عظيم لأسباب التمدن والعمران واسترجاع ما استلبته منه حوادث الأزمان. بادرت لجمع هذا الكتاب عسى أن يكون به منفعة أستوجب بها الثواب، مرتبا له على مقدمة وثلاثة أبواب وتسعة فصول وخاتمة. والله - سبحانه وتعالى - هو المسئول أن يجعله بين الناس حائز القبول، ويهدينا جميعا إلى سبل الرشاد، ويرشدنا لما به خير البلاد. آمين.
المقدمة
اعلم أن السبب الحامل على تأليف هذا الكتاب، هو القيام بما يجب على الإنسان من الخدمة الوطنية اللازمة على سائر أفراد الهيئة الاجتماعية التي تسبر عن مهمات مصالحها، بإجراء جميع الوسائل الباعثة على تقدمها وعمران بلادها، والحث لذوي الغيرة من الأمة على اتخاذ الطرق التي لا تنافي وجوب الإصلاحات الوطنية، وترغيب أفراد هيئة الاجتماع في الأسباب الموصلة لتمدن الأوطان وعمرانها وتقدمها وتوفير ثروتها؛ منعا للمضار اللاحقة بها من الإهمال الصادر عن الأهالي الذين أفضى بهم الكسل إلى الاحتياج - حتى في ملابس أبدانهم - إلى غيرهم مع وجود الكفاية فيهم، ودرايتهم بالصنائع والتفنن بنفائس الفنون. وذلك من المصايب الملمة بالأوطان التي جعلت هذه الأمة متأخرة في ميادين الثروة والشهرة، مبيحة للأوروباويين اجتناء ثمرات متاعبها وامتصاص در بلادها، والأهالي في غفلة من زمانهم لا يعرفون من التمدن سوى الإقدام على ما لا ترضاه الهمم البشرية المفطورة على حب التقدم والتعزز وإباء الحقارة والتأخر. حالة كون لا يعد الوطن متمدنا ما لم تتوفر في أهله جميع الأسباب المدنية، كالإقبال على طلب العلوم والمعارف وحب الفنون والصنائع وإنشاء المعامل والمدارس، واستحضار جميع الأدوات الحسية والمعنوية اللازمة للحالة الحضرية، والتمزي بالمزايا الشريفة، ليس التمدن الانهماك في الشهوات الحواسية وحب الراحة والكسل الذي يفضي بالإنسان إلى الدرجة الحيوانية هذا.
Shafi da ba'a sani ba