Jarumin Fata Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Nau'ikan
ومن أجل ذلك تكون خطة سموكم الدفاع، فتدع تركيا أوروبا وشأنها، وما هو واقع وراء جبال طوروس لما تقرره أوروبا.
ومما لا شك فيه ولا ريب الآن أن الباب العالي يحاول أن يستعيد سوريا؛ لذلك كان محتما عليكم العمل السريع.
وجيشكم في الشام تنقصه الآن معدات الدفاع، فهو محتاج إلى 20 بطارية، وفرقتين من المهندسين، و300 مستشفى، وعدد من الأطباء كاف، وأن يكون عدد الجيش العامل 130 ألفا ما عدا العربان المتطوعين. والواجب التمسك بصداقة رشيد باشا والولاة الآخرين. ا.ه.
الفصل التاسع
بعد اتفاق كوتاهيه.
أعمال إبراهيم باشا في البلدان التي فتحها. ***
بعد اتفاق كوتاهيه الذي أسميناه «هدنة للحرب وفاتحة للمشاكل السياسية»، عاد إبراهيم باشا إلى أنطاكية، واتخذها مركزا له يشرف منه على بلاد الأناضول ليرقب حركات الترك؛ لأنه كان واثقا من إقدام الباب العالي على الدسائس، وعلى استعادة قوته لسلب محمد علي وإبراهيم ما أعطاه مكرها.
ولولا سياسة أوروبا ضد مصر خوفا من أن تؤلف الإمبراطورية المصرية فتحرم أوروبا مغانم الاستعمار بالشرق، لكان حكم الناموس الطبيعي في نظر علماء أوروبا ذاتهم أن تخلف مصر في ذاك الحين تركيا، وأن تقوم في العالم الإسلامي مقامهم. فأوروبا ساعدت تركيا للحيلولة دون حكم الناموس الطبيعي أن يسير سيره. وإليك نص الحديث الذي ألقاه ملك فرنسا لويس فيليب إلى الدكتور كلوت بك مفتش صحة الجيوش المصرية في مقابلته له في 28 نوفمبر 1832. قال كلوت بك في مذكراته عن ذلك الحديث:
بعد محادثة خاصة بشئون مصر انتقل الملك إلى الكلام في الحرب الناشبة بين إبراهيم باشا والباب العالي، فقال: «إنه كان يعتقد مع فولني - المؤرخ والجغرافي الشهير - أن الثورة التي تهدد وجود تركيا لا مندوحة عن اشتعالها في مصر التي هي الطريق الطبيعي إلى إستامبول. فمحمد علي لم يكن إذن إلا الأداة في قبضة الحوادث الطبيعية المتوقعة والتي لم تكن عنها مندوحة.» إلى قوله: «ولما ساح الدوق دورليان في أميركا، قابل هذا الباحث المدقق فولني وحدثه في ذلك. وكان الفرنساويون يحتلون يومئذ مصر، فأعرب له فولني عن هذا الرأي بيقين قوي؛ لأن مصر هي البلد الوحيد الذي احتك بالمدنية الأوروبية الحديثة دون بلاد الشرق، وهي البلد الوحيد القادر على أن يستمد من المدينة الحديثة قوة تزلزل عرش إستامبول. ولسوف تعمل مصر كل شيء لهضم هذه المدنية الأوروبية الحديثة.» ثم قال الملك: «فليس إذن غريبا أن نرى اليوم ما هو واقع بين مصر وتركيا، ولا مندوحة عن الوصول إلى النهاية بعد أربع أو خمس سنين على الأقل. وإذا لم يكن ذلك، فالنهاية لا يشك فيها أحد؛ لأن الهيئتين السياسية والدينية اللتين كانتا دعامة عرش إستامبول قد فسدتا، والقوة العسكرية التي كانت تسند العرش والمنبر معا قد تضعضعت. وهذه روسيا تتقدم في عشر سنين خطوة نحو البوسفور، وكل خطوة تخطوها لا تقل عن 50 مرحلة، فيوم استقلال الولايات البعيدة عن إستامبول قد دنا. وحقيقة الواقع أن مصلحة الدول تقضي عليها بإبقاء تركيا، ولكنها في النهاية ستحل لأنها فقدت الدين والدنيا معا، ومصر في مركز مادي وأدبي وفي حال تقضي بخروجها من تحت النير التركي، إما آجلا وإما عاجلا. وعندما تحرر ضفاف النيل لا تلبث ضفاف الفرات أن تحذو حذوها وتؤلف التنتان بعد ذلك؛ المركز الذي تقوم فيه الخلافة الجديدة، وقد جددت شبابها بعلوم أوروبا وقوتها.»
وقبل أن نتبسط في أعمال إبراهيم باشا في سوريا مع رقابته تدبيرات تركيا في الأناضول، ننظر إلى معاملة جيشه للأهالي. فقد بسطها سليمان باشا الفرنساوي رئيس أركان حرب إبراهيم بكتابه إلى البارون دي فارين وكيل السفارة الفرنساوية في إستامبول، وكان قد كتب البارون إليه يستحلفه بأمم فرنسا قبل اتفاق كوتاهيه في أن يقنع إبراهيم باشا بإيقاف الزحف، فرد عليه في 17 يناير سنة 1933 يقول:
Shafi da ba'a sani ba