وسدته المنيفة الى ان اتصل بالخادم امره العالى بتحرير كتاب فى المنطق لا يرده الاختصار الى مضيق الاخلال، ولا ينهيه التطويل الى متسع الاملال.
فانتدبت لامتثال مرسومه (1) قوى العزيمة نافذ الصريمة وأوردت من المنطق ما لا يسع طالب العلوم الحقيقية الجهل به، مقتصرا على ابانة طريقى اكتساب التصور والتصديق الحقيقيين اللذين هما الحد والبرهان والهداية الى وجوه الغلط فيهما دون الجدل والخطابة والشعر التى هى عن افادة اليقين المحض بمعزل.
وسميته (البصائر النصيرية) تفاؤلا بيمن ألقابه وتوصلا إليه بأسبابه. (2) ولن يعرف قدر هذا الكتاب الا من طال نظره فى كتب المتقدمين بعين التأمل، فيجد فيه عند تصفحه إيضاح ما أغفلوه وتفصيل ما أجملوه وتنبيها على مواضع غلط يهم المتعلم التفطن لها عساها ذهبت عليهم والله المستعان وعليه التكلان، فى أن يعصمنا من الزلل والخلل فى القول والعمل. وهذا حين ما افتتح الكلام فيه بتقدم مقدمة مشتملة على فصلين: أحدهما فى ماهية المنطق وبيان الحاجة إليه ومنفعته، والآخر فى موضوعه.
Shafi 51