وهنا نجد ابتكارا جديدا في الزواج. فإن هافلوك أليس الاختصاصي في درس الشئون الجنسية، وهو عالم وفيلسوف وأديب، يتزوج الآنسة لي، ويتفق كلاهما على أن يعيش كل منهما في مسكن منفصل، حتى إذا كانت أيام الاصطياف في شهري يونيه ويوليه مثلا قصد الزوجان إلى المصيف يمضيان فيه معا، في مسكن واحد، هذه الإجازة السنوية، فيكونان بمثابة عرسين يمضيان شهر العسل في اشتياق قد زاده الحرمان طوال شهور الانفصال الماضية.
وقد قرأت تاريخ حياتهما وتأملت هذه التجربة، وأستطيع أن أقول إن الزوج قد سعد بهذا الانفصال، وأما الزوجة فلم تسعد.
ويسهل علينا أن نفهم لماذا سعد الزوج؛ فإنه كان مؤلفا ومفكرا عظيما مشغول الذهن والقلب بقصد إنساني عظيم هو تعميم الثقافة الجنسية الصحيحة بين الجماهير، وقد نجح في تعميم العلوم الجديدة التي رفعت جمهور القراء من سذاجة العقائد الموروثة إلى حقائق الطبيعة والكون والحياة.
قصد إنساني عظيم استأثر بحياته واحتاج إلى أن يعيش منفردا بلا زوجة تشغله وتشاركه العيش في مسكن واحد.
ثم هي كانت امرأة عظيمة. فقد أسست ناديا للنساء العاملات، وألفت كتبا، ودعت إلى أن المرأة يجب ألا تستأثر واجبات البيت بكل وقتها، وأن عليها أن تربي شخصيتها بالعمل المنتج كالرجل سواء، ولكنها مع الأسف لم تتحمل كل ما اضطلعت به، فانهارت شخصيتها، حتى احتاجت إلى المعالجة في المستشفيات.
لقد ابتدع كلاهما بدعة الزواج الانفصالي الذي نسمع هذه الأيام، بعد سبعين سنة من ابتداعهما له، بأنه ينتشر في أوربا وأمريكا.
وهو ينتشر لسبب أصيل في الحضارة القائمة، التي علمت المرأة، وحققت لها الاستقلال الاقتصادي، وكونت شخصيتها، فاحتاجت إلى العيش المستقل في المسكن المستقل.
وهنا ننتقل إلى برنارد شو.
لقد عاش هذا الرجل عن قصد يحاول أن يغير الدنيا والمجتمع، وتزوج الآنسة شارلوت تونسند، وعاش معها في حياة «زوجية» أكثر من 35 سنة، ولكن لم يتم بينهما اتصال جنسي في كل هذه السنين.
لقد كتب برنارد شو في إحدى مقالاته عبارة تستحق أن نقف عندها - ونتأمل معناها في ضوء هذه الحقيقة التي باح بها للمترجم بحياته سانت جون ارفين - قال:
Shafi da ba'a sani ba