فتساءل رشاد: كيف دخل جدنا الإسلام؟ - أعلن أن النبي عليه الصلاة والسلام زاره في المنام وعرض عليه الإسلام فقبله دون تردد، أما أهله فأكدوا أنه عشق فلاحة مسلمة! - ورأيك أنت يا جدتي؟ - سيرته بعد ذلك شهدت له بالصدق، وقد نذر بكريه للأزهر، وهو الشيخ عبد الله المهدي أبي وجدك! - هذا جدنا المعروف! - لعل الوحيدة التي تذكره هي كوثر أمك، وقد عمل أول حياته مدرسا، وكان أيضا يرتل القرآن بصوت عذب، ثم اشترى أرضا وتفرغ لزراعتها فعرف بمهارته كما عرف بورعه، ولما اجتاحه الروماتيزم انتقل إلى حلوان وشيد هذا البيت وكان قطعة من الجنة!
تأثر رشاد بأريحية جدته ونشوتها أكثر مما تأثر بسير الجدود أنفسهم. ولم تكن تبلورت لديه فكرة عن نوعية الكتابة التي سيختارها ولا عن ضرورة - أو عدم ضرورة - اشتراك الأجداد فيها. غير أن نشوة جدته أضفت على الرجال الغابرين سحرا خاصا نفخ فيهم ضياء في مواقعهم الموغلة في الزمان؛ فأجل قراره إلى حينه. وفكر من جديد في بعث الحديقة وتحقيق حلم جدته الملح.
وقال لأمه: ليتني فكرت في شراء هذا البيت قبل الانفتاح!
فقرأت كوثر أفكاره وقالت: ما فات فات، تذكر ما سبق أن قلته .. ولا تنس الغلاء الذي لا يريد أن يقف عند حد .. ويحسن بك أن تفكر في شيء واحد هو الزواج! - تمنيت لو أتزوج هنا ولو نظير أجر أدفعه للمستحقين!
فقالت كوثر باهتمام: عندي فكرة أحسن، أن تبيع الأرض، وتكتفي بالعمارة، وبثمن الأرض تشتري شقة في إحدى عمارات التمليك التي تقام في حلوان وتواجه أيضا تكاليف الزواج. - ونترك جدتي وحدها؟
فبادرته: إني باقية معها لآخر العمر، المهم متى تشرع في الزواج؟
فضحك قائلا: أريني همتك!
فهتفت متهللة: وكلف بذلك أيضا جميع أصدقائك!
وتخرجت سهام وهند رشوان في عام واحد، أما هند فانتظرت خطاب التعيين الذي لن يصل قبل عام، وأما سهام فقررت تقديم رسالة ماجستير طامحة إلى وظيفة معيدة اعتمادا على تفوقها البين. وأنهى شفيق وأمين مدة التجنيد؛ فألحق الأول مهندسا بشركة الملاحة، والثاني مهندسا بشركة الصناعات الكيماوية. وهمست ألفت في أذن سهام بأن محاميا في قضايا الحكومة يسعى لخطبتها فارتعدت وقالت: لن أفكر في ذلك حتى أحصل على الماجستير.
فاعترضت ألفت قائلة: ولكن ...
Shafi da ba'a sani ba