وإذا بصرخة تفر من فم سهام ممزقة بالألم وهي تصيح: لا!
سرعان ما تحولت مشاعر الأسرة من النبأ المحزن لتتركز في فتاتها الجميلة. وغلبها الحزن فانهارت تماما غير مبالية بالنظرات المستطلعة وما وراءها. هكذا تكشفت لهم الحقيقة، وفي ظرف يدعو للأناة والصبر. ونهضت ألفت فاحتوت سهام ومضت بها إلى حجرتها، ولبث محمد وشفيق يتبادلان النظر في ذهول ووجوم. واكفهر وجه محمد وبلغ به القهر منتهاه فقال لابنه بجفاء: إنك المسئول الأول!
انكمش شفيق أمام انفعال أبيه وقال بصوت ضعيف: ليس ذنبي ...
ثم وهو يستميت في دفع التهمة عنه: جرى كل شيء تحت أعينكم!
فصاح محمد: لم يكن لرأيي وزن أمامكم، وحيال زمانكم ...
فقال شفيق برجاء: حلمك يا بابا، كان يمكن أن يحدث أي شيء في الخارج، وكيف نعيش خارج زماننا؟!
فقال محمد بحنق: أعرف ما يقال، سمعته مرارا وتكرارا، ما هي إلا لعنة وباء!
ثم حدج ابنه بنظرة متفحصة كأنما يحقق معه وسأله: معروف أنه انقطع عن الدراسة فماذا دسه بين المتظاهرين من الطلبة؟ - لعله ذهب كصحفي! - بل ذهب للتحريض كشيوعي! - ربما، لست مسئولا عنه.
فقال الرجل بحنق: لست آسفا عليه، ولكني آسف على نفسي!
أما ألفت فقد غسلت وجه سهام بالكولونيا ووهبتها من الحنو فوق ما تملك. وقالت: ليتك تسلطت على أعصابك!
Shafi da ba'a sani ba