Balaghat Gharb
بلاغة الغرب: أحسن المحاسن وغرر الدرر من قريض الغرب ونثره
Nau'ikan
32
يلتوي على فريسته ببأس حتى يكاد يهشم منها الأضلاع، تود لو تزعزع الصخر من مكانه لتفترس الصائد.
انكمش هذا البائس الضعيف في كوخه، فاصطلحت عليه الأنواء والأعاصير؛ فلم يستطع أن يبرح مكانه ليكدح لرزقه. عظم واتسع أمامه المحيط لينصب له شراكه. اكفهرت السحب فخاف منها كل نسر قشعم، واسود من الفضاء الإهاب، ثم أومض البرق، وقصف الرعد، وصفرت العواصف، وهاجت الأمواج، وطفقت تحطم في جدار هذا المنكود، وما وراء هذا الفضاء وعظمته والليل وظلمته إلا الحتف المميت .
ماذا تفكر أيها الشقي البائس لتنجو من مطاردة هذه العوالم الحاقدة عليك وأنت عدوها الألد؟ أتتخذ لك نفقا في الأرض أم سلما في السماء؟! أتراك تستطيع الصعود وقد حالت دونه العواصف والأنواء، وأنى لك وأنت ترتعد مكانك من هول المنظر؟! وإني لا أخالك إلا مقبورا ضليلا طريدا. ليت شعري كيف تنازل هذه القوى العظيمة التي ما لها من نفاد وأنت أسير حفرتك؟!
حسبك دفاعا مع العظمة التي أقبرتك في كوخك، وأهاجت عليك السماء وما حوت والأرض وما وعت حتى اغبر وجه الكون عليك أسفا، وأظلمت الدنيا حدادا؛ فاخضع أيها الغريق للقضاء واستسلم لهذا اليم الجبار العتيد.
وهذه الشمأل
33
العاتية التي أوشكت أن تقوض أركان مأوالك، وهذا الوابل الذي كاد يجرف ذراك.
34
وتلك الغياهب التي تهلع لها القلوب تبذل الوسع لمحوك وفنائك، وهذا الليل المقبل بالويل الذي ترتعد منه رعبا سيصب فوق رأسك الأعاصير الهوج
Shafi da ba'a sani ba