Balaghat Gharb
بلاغة الغرب: أحسن المحاسن وغرر الدرر من قريض الغرب ونثره
Nau'ikan
مهما بلغ المرء من الحول والقوة، ومهما ضحك وقهقه، أو بكى وأعول لا يستطيع أن يطلع على الضمائر والسرائر، ولا أن يقضي على أحد قبل أجله وساعته. •••
أيها الخيال الأخرس والطيف الملثم! يا من هو أتبع لنا من ظلنا! يا من يدعونك الغد.
إنما الغد حارت فيه الأفهام، وضلت في مفاوزه الظنون والأحلام. يبذر الإنسان السبب، فينضجه القادر غدا؛ فيستحيل من عالم الذر إلى عالم الظهور والقوة. غدا برق محتجب، ونجم مستتر في السحب، وخائن يزيح اللثام، ومنجنيق يدك الحصون والمعاقل، وكوكب ينتقل من منطقته وباريس تتبع بابل. غدا تنوب
16
العرش واليوم مخمله، غدا جواد يخوض المعامع مرغيا مزبدا. غدا - أيها الفاتح - تلتهب موسكو في الليل الحالك كالمصباح في يد المدلج. غدا تغطي جثث حرسك القديم السهول والبطاح. غدا واترلو. غدا القديسة هيلانة. غدا الرمس!
إنك لتستطيع أن تطأ المدن بسنابك خيل فرسانك، وتحل مشكلات الحروب بصمصامك، وتسد نهر التاميز والنصر حليفك بحولك وقوتك ، وتحطم الأبواب المغلقة بسطوتك وقدرتك، ثملا بنشوة الظفر، يرنح عطفيك صوت نفيرك، ساحبا ذيل النسيان على كل صيت طائر.
أمد الله في أيامك ! إنك لقادر أن لا تترك من الأرض ذراعا، وأن تنزع أوروبا من شارلمان، وآسيا من آل سام، ولكن هيهات أن يخضع لك الغد إلى الأبد. •••
يا للنائبات الواعظات! لما أخذ شبل هذا الأسد تاج رومية بدل اللعب حتى ذاع شأنه، ولما أظهره أبوه للملأ وجبينه الملوكي يهتز، دهشوا لعظمة هذا الصغير وهيبته.
وقد ظفر والده لأجله بوقائع عديدة وفتوحات عظيمة، فجلس بجانب سرير طفله مبتسما بادي البشر، وقد كان كبان يعرف كيف يؤسس بناءه؛ إذ أجهز على الدنيا بضربة معول فأقبلت خاضعة طائعة حسب أمانيه.
ولما أتم الوالد ما أعده ليمهر الطفل الحقير بالعظمة الدائمة. هيأ له قصرا وطيد الأساس متين الدعائم؛ ليحفظ حياة ابنه من العوادي والغوائل.
Shafi da ba'a sani ba