Balaga Na Zamani da Larabci
البلاغة العصرية واللغة العربية
Nau'ikan
ونحن والفرنسيون والألمان والصينيون والأمريكيون سواء في استعمال هذه الكلمات، وسوف تزداد هذه الكلمات في المستقبل بالعشرات بل بالمئات، وهذا تطور حسن؛ لأن هذا الاتجاه مع كلمات العلوم يحدث القرابة الذهنية التي ستؤدي يوما إلى قرابة نفسية، فلا يكون الشعور بالبعد والفرقة والانفصال ثم الانعزال، فالعداء بين الشعوب وكل مصري بار بوطنه، وبهذا الكوكب يجب ألا يعارض هذا الاتجاه؛ لأن المعارضة في حقيقتها تعني عقوقا بحقوق البشر وعرقلة لاتحاد أبناء هذا الكوكب ورقيهم، وباتخاذ هذه الكلمات نقرب من العقلية الكوكبية والثقافة الكوكبية، وربما اللغة الكوكبية.
وعندي أن بعض الميزات لما يقترحه «عبد العزيز فهمي باشا» من اتخاذ الحروف اللاتينية في كتابتنا؛ يعود إلى أن هذه الحروف قد تضمنا إلى مجموعة الأمم المتمدنة وتكسبنا عقلية المتمدنين وتنزع منا تلك الخصومة التي تبعثها كلمتا شرق وغرب، وتجعلنا أقرب إلى العقلية الكوكبية واللغة الكوكبية، ولكنني مع ذلك لا أنتقص الفائدة من الخط اللاتيني في التعبير عن كلمات العلوم؛ فإن هذه الكلمات تبدو نابية في الخط العربي كما تغيب أصولها التي اشتقت منها؛ فلا نفهمها عند رؤيتها، وربما كان هذا من أكبر الأسباب للنفور منها، ثم لتخلفنا في العلوم.
وواضح من تاريخ العرب أنهم عربوا في كثير من الأحوال بدلا من أن يترجموا كما نرى في هذه الكلمات: أستاذ، أدب، إقليم، فلسفة، أبريق، قاض، كابوس، قانون، زخرفة، تاريخ، ألماس، جغرافية، أنبيق، زكاة، بستان، برج، تلميذ، جدول، سجل، ترعة، دستور، قنطار، عقار، فدان، سمسار، صراط، صابون، لغة، قفطان، ناموس، رقص، حب، سيماء. إلخ.
فكل هذه الكلمات ومئات غيرها يرجع إلى أصل إغريقي أو أصل لاتيني أو غيرهما، ولم يحاول كتاب العرب ترجمتها وإنما أكسبوها صيغة عربية لا أكثر ولا ينكر أنهم عمدوا إلى الترجمة أحيانا كما فعلوا في كلمات المنطق؛ فإنهم ابتدءوا باصطناع كلمة السلجسة «سبوجيم» ثم تركوها وقالوا القياس.
وكل منا يأسف الآن على تركهم للسلجسة المعربة واتخاذهم كلمة القياس المترجمة؛ لأن كلمة القياس تتحمل طائفة من المعاني التي تربكنا في حين نحتاج إلى الدقة في قواعد المنطق.
وللتعريب فضلا عن قيمته في التقرب من لغة بشرية عامة وفضلا عن قيمته الدراسية في العلوم قيمة ثقافية أخرى؛ لأنه يبصرنا بالتاريخ والتطور الثقافي، فنحن حين نقول: «برلمان» نحس من حروف هذه الكلمة تاريخا عاما للحكم النيابي في العالم وليس في مصر وحدها، ونعرف الأصل لهذا الحكم. وكذلك الحال في أتومبيل وتلفون وبسكلت ومنجة وجوافة وككتوس وقيصر وريشتاج وسوفييت وميكادو إلخ.
ومن مصلحة الثقافة أن تبقى هذه الكلمات على أصولها؛ كي نزداد للتاريخ أي: فهما للدنيا.
الفصل الرابع والعشرون
القدرة على اصطناع الكلمات الأجنبية
قال ه. ج. ولز في كتيبه «العلم والعقل العالمي »:
Shafi da ba'a sani ba