Balaga Na Zamani da Larabci
البلاغة العصرية واللغة العربية
Nau'ikan
Calculus » بمعنى الحصاة، أو الحجر.
والمشهور أن لغتنا في أصلها ثلاثية الحروف، ولكن الأغلب أنها كانت ثنوية؛ أي: أن كلماتها كانت من حرفين فقط، فها هنا أربع وعشرون كلمة تدل على معان متقاربة، وهي: أن شيئا قد خرج من شيء. وهي: نبأ، نبت، نبث، نبح، نبذ، نبر، نبس، نبش، نبض، نبط، نبع، نبغ، نتأ، نتح، نثر، نثل، نفث، نفخ، نفذ، نفر، نغض، نفط، نط، نطق.
وهذه الكلمات مترادفة في معنى الشيء يخرج من شيء آخر، ولكن من مصلحة اللغة والفهم، أن نعين لكل منها معنى يختلف عن الآخر، وهذا هو ما قضى به منطق اللغة والتمييز الذهني.
ومن هذا الفصل الموجز يتضح لنا أن كل لغة إنما هي: بمثابة المصنع الذي يعيش في عصرنا، ومع ذلك يجمع في مستودعاته فأسا من الحجر كانت تستعمل قبل ثمانية آلاف سنة، وإبرة من الشوك كان أسلافنا يستعملونها قبل مائة ألف سنة، وسيفا من البرونز كان يستعمل قبل أربعة آلاف سنة، وبين مصنوعات أخر مثل: الرديوفون، والمصباح الكهربائي، والسولفانيلاميد ... إلخ. ومن هنا بدأ هذا الارتباك الذهني الذي يؤدي إلى قله الفهم، أو اختلاطه؛ ذلك لأننا نستعمل أدوات قديمة كي تؤدي لنا خدمات جديدة.
الفصل الرابع
اللغة والسيكلوجية
الحق أن هذا الكتاب بجميع فصوله هو: بحث سيكلوجي في القيم اللغوية. وإذا كان هذا يجرنا إلى أبحاث أخرى اجتماعية، أو تاريخية، فإن الغاية الأولى يجب أن تبقى ماثلة، وهي: أننا ننظر إلى اللغة من خلال العدسة السيكلوجية.
ولم تعط اللغة سوى القليل من حقها من الدراسة السيكلوجية إلى الآن. وصحيح أن الرغبة في الدعاية قد حملت قليلين على هذه الدراسة في اللغات الأوروبية، ولكن الموضوع لا يزال في أولياته، وهو بكر في اللغة العربية.
وقيمة اللغة في التفكير وفي السلوك لا تزال إلى حد كبير مجهولة، والعجب أننا لم نلتفت من قبل إلى أننا نفكر بالكلمات، وأننا لا نعرف حقائق الأشياء التي نتناولها بالذهن أو باليد، وإنما نعرف أسماءها فقط. وكثيرا ما يختلط علينا الاسم والمسمى؛ فنظنهما شيئا واحدا مع أن الحقيقة هي أن الكلمات رموز للأشياء، والشبه بينهما وبين النقود كبير هنا فإن القرش قطعة من المعدن نرمز بها إلى قوة شرائية معينة، ولكن هذه القوة خاصة بنا نحن؛ أي بمجتمعنا، وليست خاصة بالقرش، من حيث إنه قطعة من المعدن.
وكذلك الشأن في الكلمات، فإنها رموز فقط. فإذا لم نتنبه إلى هذه الرمزية؛ فإننا نقع في ألوان من السخف، ونتورط في أنواع من المعاني التي قد تضرنا بدلا من أن تنفعنا، وتستبد بنا بدلا من أن نستخدمها، وكثيرا ما يحدث هذا لنا. فإن ما نسميه تفكيرا مثلا إنما هو - أو معظمه في أغلب الأحوال - كلمات تجري على المستوى العاطفي؛ فتؤدي إلى الانفعال بدلا من التفكير.
Shafi da ba'a sani ba