وأخرج ابن عبد البر من حديث سهل بن سعد بلفظ: "إنما رخص رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ في المتعة لعزبة كانت بالناس شديدة، ثم نهى عنها، فلما فتحت خيبر وسع عليهم من المال ومن السبي، فناسب النهي عن المتعة لارتفاع سبب الإباحة، وكان ذلك من تمام شكر نعمة الله على التوسعة بعد الضيق، وكانت الإباحة إنما تقع في المغازي التي تكون في المسافة التي إليها بعد ومشقة، وخيبر بخلاف ذلك؛ لأنها بقرب المدينة، فوقع النهي عن المتعة فيها إشارة إلى ذلك من غير تقديم إذن فيها، ثم لما عادوا إلى سفرة بعيدة المدة وهي غزاة الفتح، وشقت عليهم العزوبة أذن لهم في المتعة لكن مقيدا بثلاثة أيام فقط دفعا للحاجة، ثم نهاهم بعد انقضائها عنهم. انتهى.
وبه يندفع ما ذكره ابن القيم في تقرير أن الظرف في حديث علي عليه السلام بقوله: ((عام خيبر))، يعود إلى تحريم الحمر الإنسية، بأنه لم يكن الصحابة فيها يستمتعون باليهوديات، ولا استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وبتحريم المتعة قال جمهور الصحابة، وأجمع عليه فقهاء الأمصار بعد الخلاف، ولم ينقل الخلاف المحقق فيه إلا عن الإمامية، وحكاه في البحر عن ابن عباس والباقر والصادق وابن جريج، وفي ذلك نظر.
أما ابن عباس فقد صح عنه القول بذلك، ولكنه روي عنه الرجوع، فأخرج الترمذي بسنده إليه أنه قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم، فتحفظ له متاعه وتصلح له شيئه، حتى إذا نزلت الآية {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}[المؤمنون:6]، قال ابن عباس: فكل فرج سواهما فهو حرام.
Shafi 6