Bahrin Muhit a Asalin Fiqhu

Al-Zarkashi d. 794 AH
21

Bahrin Muhit a Asalin Fiqhu

البحر المحيط في أصول الفقه

Mai Buga Littafi

دار الكتبي

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1414 AH

Inda aka buga

القاهرة

فَإِنْ قِيلَ: هَلْ أُصُولُ الْفِقْهِ إلَّا نُبَذٌ جُمِعَتْ مِنْ عُلُومٍ مُتَفَرِّقَةٍ؟ نُبْذَةٌ مِنْ النَّحْوِ كَالْكَلَامِ عَلَى مَعَانِي الْحُرُوفِ الَّتِي يَحْتَاجُ الْفَقِيهُ إلَيْهَا، وَالْكَلَامِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَعَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْبَعْضِ، وَعَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَنَحْوِهِ، وَنُبْذَةٌ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ كَالْكَلَامِ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، وَكَوْنِ الْحُكْمِ قَدِيمًا، وَالْكَلَامِ عَلَى إثْبَاتِ النَّسْخِ، وَعَلَى الْأَفْعَالِ وَنَحْوِهِ، وَنُبْذَةٌ مِنْ اللُّغَةِ، كَالْكَلَامِ فِي مَوْضُوعِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَصِيَغِ الْعُمُومِ، وَالْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ، وَالْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، وَنُبْذَةٌ مِنْ عِلْمِ الْحَدِيثِ كَالْكَلَامِ فِي الْأَخْبَارِ، فَالْعَارِفُ بِهَذِهِ الْعُلُومِ لَا يَحْتَاجُ إلَى أُصُولِ الْفِقْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَغَيْرُ الْعَارِفِ بِهَا لَا يُغْنِيهِ أُصُولُ الْفِقْهِ فِي الْإِحَاطَةِ بِهَا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ إلَّا الْكَلَامُ فِي الْإِجْمَاعِ، وَالْقِيَاسِ، وَالتَّعَارُضِ، وَالِاجْتِهَادِ، وَبَعْضِ الْكَلَامِ فِي الْإِجْمَاعِ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ أَيْضًا، وَبَعْضِ الْكَلَامِ فِي الْقِيَاسِ وَالتَّعَارُضِ مِمَّا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْفَقِيهُ، فَفَائِدَةُ أُصُولِ الْفِقْهِ بِالذَّاتِ حِينَئِذٍ قَلِيلَةٌ. فَالْجَوَابُ مَنْعُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْأُصُولِيِّينَ دَقَّقُوا النَّظَرَ فِي فَهْمِ أَشْيَاءَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ لَمْ تَصِلْ إلَيْهَا النُّحَاةُ وَلَا اللُّغَوِيُّونَ، فَإِنَّ كَلَامَ الْعَرَبِ مُتَّسِعٌ، وَالنَّظَرُ فِيهِ مُتَشَعِّبٌ، فَكُتُبُ اللُّغَةِ تَضْبِطُ الْأَلْفَاظَ وَمَعَانِيَهَا الظَّاهِرَةَ دُونَ الْمَعَانِي الدَّقِيقَةِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى نَظَرِ الْأُصُولِيِّ بِاسْتِقْرَاءٍ زَائِدٍ عَلَى اسْتِقْرَاءِ اللُّغَوِيِّ. مِثَالُهُ: دَلَالَةُ صِيغَةِ " افْعَلْ " عَلَى الْوُجُوبِ، وَ" لَا تَفْعَلْ " عَلَى التَّحْرِيمِ، وَكَوْنُ " كُلٍّ " وَأَخَوَاتِهَا لِلْعُمُومِ، وَنَحْوُهُ مِمَّا نَصَّ هَذَا السُّؤَالُ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ اللُّغَةِ لَوْ فَتَّشْت لَمْ تَجِدْ فِيهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا وَكَذَلِكَ فِي كُتُبِ النُّحَاةِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَنَّ الْإِخْرَاجَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الدَّقَائِقِ الَّتِي تَعَرَّضَ لَهَا الْأُصُولِيُّونَ وَأَخَذُوهَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ بِاسْتِقْرَاءٍ خَاصٍّ، وَأَدِلَّةٍ خَاصَّةٍ لَا تَقْتَضِيهَا صِنَاعَةُ النَّحْوِ، وَسَيَمُرُّ بِك مِنْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْعَجَبُ الْعُجَابُ.

1 / 23