158

Bahrin Muhit a Asalin Fiqhu

البحر المحيط في أصول الفقه

Mai Buga Littafi

دار الكتبي

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1414 AH

Inda aka buga

القاهرة

وَلَا كَوْنُهُ نَجِسًا رَاجِعًا إلَى نَفْسِهِ، وَلَا إلَى صِفَةٍ نَفْسِيَّةٍ أَوْ مَعْنَوِيَّةٍ لِلذَّاتِ، بَلْ هِيَ حَالَ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ لَمْ يُفِدْ هَذَا الْحُكْمُ صِفَةً زَائِدَةً قَائِمَةً بِهَا لِأَجْلِ الْحُكْمِ، وَمَعْنَى النَّجَاسَةِ تَعَلُّقُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إنَّهَا مُجْتَنَبَةٌ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا قَوْلُنَا: شُرْبُ الْخَمْرِ حَرَامٌ لَيْسَ الْمُرَادُ تَجَرُّعَهَا وَحَرَكَاتُ الشَّارِبِ، وَإِنَّمَا التَّحْرِيمُ رَاجِعٌ إلَى تَعَلُّقِ قَوْلِ اللَّهِ فِي النَّهْيِ عَنْ شُرْبِهَا، وَقَدْ تَحَقَّقَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ أَنَّ صِفَاتِ التَّعَلُّقِ لَا تَقْتَضِي إفَادَةَ وَصْفٍ عَائِدٍ إلَى الذَّاتِ، وَهَذَا كَمَنْ عَلِمَ أَنَّ زَيْدًا قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنَّ عِلْمَهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِزَيْدٍ لَمْ يُغَيِّرْ مِنْ صِفَاتِ زَيْدٍ شَيْئًا، وَلَا حَدَثَتْ لِزَيْدٍ صِفَةٌ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِهِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى اسْتِفَادَةِ الذَّوَاتِ مِنْ الْأَحْكَامِ فَائِدَةً، وَرَأَوْا أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالْوُجُوبَ يَرْجِعُ إلَى ذَاتِ الْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَالْوَاجِبِ، وَقَدَّرُوهُ وَصْفًا ذَاتِيًّا.
قَالَ الْقَاضِي: وَاعْتَلُّوا لِذَلِكَ بِضَرْبٍ مِنْ الْجَهْلِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تُوُهِّمَ عَدَمُ الْفِعْلِ لَعُدِمَتْ أَحْكَامُهُ بِأَسْرِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَحْكَامُهُ هِيَ هُوَ. قَالَ: وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ، وَأَحْكَامِهَا وَأَقْوَالِهَا وَأَفْعَالِهَا هِيَ هِيَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تُصُوِّرَ عَدَمُ الْجِسْمِ لَعُدِمَتْ أَحْوَالُهُ وَأَلْوَانُهُ وَجَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ عِبَارَةً عَنْ أَفْعَالِهِ وَلَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، وَنَسَبَ غَيْرُهُ هَذَا إلَى الْمُعْتَزِلَةِ، فَقَالَ: الْأَحْكَامُ تَرْجِعُ إلَى تَعَلُّقِ الْخِطَابِ وَهِيَ صِفَةٌ إضَافِيَّةٌ، وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: إلَى صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، وَهِيَ نَفْسِيَّةٌ

1 / 160