164

Tekun Madid

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد

Editsa

أحمد عبد الله القرشي رسلان

Mai Buga Littafi

الدكتور حسن عباس زكي

Bugun

١٤١٩ هـ

Inda aka buga

القاهرة

Nau'ikan

Tafsiri
فتلك أُمَّةٌ أي: جماعة قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ من الخير، وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ أنتم، وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ فلا تؤاخذون بسيئاتهم، كما لا تثابون بحسناتهم. وهذا كما قال ﷺ لقريش: «لا يأتيني الناسُ بأعمَالهِم وتَأتُوني بأنْسَابِكُم» .
الإشارة: يقال لمن حصرَ الخصوصية في أسلافه، ونفاها عن غيرهم: هل حضرتم معهم حين أوصوا بذلك؟ بل ما كانوا يوصون إلا بإخلاص العبودية، وتوحيد الألوهية، ومشاهدة عظمة الربوبية، فمن حصّل هذه الخصال كانت الخصوصية معه أينما كان، ومَن حاد عنها ومال إلى متابعة الهوى انتقلت إلى غيره، ويقال له: إن أسلافه قد جَدُّوا ووجَدُوا، وأنت لا تنتفع بأعمالهم في طريق الخصوصية، (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ...) الآية. وبالله التوفيق.
ولما أمر اليهود والنصارى المسلمين باتباع دينهم، لأنه أقدم، ردّ الله عليهم، فقال:
[سورة البقرة (٢): آية ١٣٥]
وَقالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥)
قلت: الضمير في (قالوا) لأهل الكتاب، و(أو) للتفصيل، أي: قالت اليهود: كونوا هودا، وقالت النصارى:
كونوا نصارى. و(تهتدوا) جواب الأمر، و(ملة) منصوب بفعل محذوف، على حذف مضاف، أي: بل نكون أهل ملة إبراهيم، أو نتبع او نلزم ملة إبراهيم، و(حنيفًا) حال من المضاف إليه، لأنه كجزئه، أي: مائلًا عن الباطل إليَّ الحقُّ.
يقول الحق ﷻ: وقالت اليهود للمسلمين: كُونُوا معنا هودًا تَهْتَدُوا فإن ديننا أقدم، وقالت النصارى لهم أيضًا: كونوا نَصارى معنا تَهْتَدُوا فإن ديننا أصوب، قُلْ لهم يا محمد: بَلْ نلزم مِلَّةَ إِبْراهِيمَ الذي كان مائلًا عن الباطل متبعًا للحق، ومشاهدًا له وحده. ولم يكن من المشركين كما أشركتم بعُزير وعيسى وغيرهما، تعالى الله عن قولكم علوًا كبيرًا.
الإشارة: قد سرى هذا الطبع في بعض المنتسبين، يُرَغِّبُون الناس في طريقهم، ويحرصون على اتباعهم والدخول معهم، وينقصون طريق غيرهم، وهو وصف مذموم، بل الواجب أن ينظر الإنسان بعين البصيرة، فمن وجده يدل على الله ويغيب عما سواه، ينهض حاله ويدل على الله مقاله، اتبعه وحطَّ رأسه له، ولزم ملته وطريقه إينما كان، وكيفما كان. ومن وجده على غير هذا الوصف، أعرض عنه، والتمس غيره، وليس من شأن الدعاة إلى

1 / 169