Tekun Ilimi
بحر العلوم
فيمسكها ولا يقربها حتى تفتدي منه بمالها أو تموت، فيرث مالها، فنزلت هذه الآية، وأمر الزوج بأن يطلقها إن كره صحبتها فلا يمسكها كرهًا. فذلك قوله تعالى: لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهًا قرأ عاصم وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو ونافع: (كَرهًا) بنصب الكاف.
وقرأ حمزة والكسائي: (كُرها) بالضم. قال القتبي: (الكَره) بالنصب بمعنى الإكراه، (والكُره) بالرفع المشقة، ويقال: ليفعل ذلك طوعا أو كرها، يعني طائعًا أو مكرهًا.
ثم قال تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ أي لا تمنعوهن من الأزواج لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ من المهر وغيره إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وهي المعصية في النشوز على زوجها، فيحل له ما أخذ منها. ويقال: إلا أن تزني فيحل له أن يفتدي منها، يعني إذا كانت بطيبة نفسها. قرأ ابن كثير وعاصم في رواية أبي بكر (بفاحشة مبيَنة) بنصب الياء، وقرأ الباقون (مبِّيِنة) بكسر الياء. فمن قرأ بالكسر يعني الفعل الفاحشة يعني فاحشة ظاهرة تبين منها نفسها.
ومن قرأ بالنصب يكون بمعنى المفعول. قال مقاتل: نزلت هذه الآية في محصن بن أبي قيس، وامرأته هند بنت المغيرة وفي جماعة. وقال الكلبي: نزلت في حصن بن أبي قيس وامرأته كبشة بنت معن.
ثم قال تعالى: وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ أي صاحبوهن بالجميل فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ أي كرهتم صحبتهن فَعَسى يقول فلعل أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا من صحبتكم إياهن وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا يعني في صحبتهم يرزق لكم ولدًا صالحًا، وهذا كقوله ﷿ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ويقال وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا لعله إن أمسكها فيعطفه الله عليها من بعد ذلك، وأما أن يخلي سبيلها فيزوجها الله زوجًا غيره، فيرزقها الله منه الولد. ثم قال: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ يعني تغيير زوج مَكانَ زَوْجٍ يعني إذا أراد الرجل أن يطلق زوجته ولم يكن منها نشوز، وأراد أن يتزوج غيرها وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطارًا من الذهب في المهر. قال مجاهد: القنطار سبعون ألف دينار. وقال عطاء: سبعة آلاف دينار. وقال الحسن:
ألف دينار أو اثني عشرة ألف درهم. وقال قتادة: كان يقال القنطار مائة رطل من الذهب، أو ثمانون ألفًا من ورق. وروي عن عبد الوهاب بن عطاء عن الكلبي قال: كل ما لم أسنده لكم فهو كله عن أبي صالح عن ابن عباس. قال: القنطار ألف مثقال مما كان من ذهب أو فضة.
ثم قال تعالى فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أي فلا تستحلوا أن تأخذوا مما أعطيتم شيئًا إذا لم يكن النشوز من قبلها. ثم قال: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتانًا يقول: أتستحلون أخذه ظلمًا وَإِثْمًا مُبِينًا أي ذنبًا ظاهرًا. ثم قال تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ يقول: كيف تستحلون أخذه، يعني أخذ مهورهن وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ يقول: قد اجتمعا في لحاف واحد. قال الفراء:
الإفضاء أن يخلو الرجل والمرأة إن لم يجامعها، أو جامعها وقد وجب المهر. وقال الكلبي:
1 / 290