وفي هذا الشهر تم بناء مسجد النهرين بصنعاء، عمارة عظيمة، ومطاهر واسعة؛ لأجل ما ظهر من تسريجه كما مضى تاريخه، ظهر لأهل المدينة بركته، وكان مسجدا صغيرا وله مطاهر قليلة، والمعتني بذلك جيرانه، وأعانهم بالبعض ناظر الوقف. وهذا المسجد الذي في بطن وادي صنعاء قريب باب السبحة.
وفي هذا الشهر اشتجر حسن بن المتوكل، وقاسم بن المؤيد على سوق أحدثه قاسم بمساقط بلاد الشرف بتهامة، فأراد حسن خرابه، فأرسل المهدي من يطوفه، وأنه إذا كان قديما بقي على حاله. وكذلك أحدث حسين بن حسن صنو المهدي سوقا في الحرشة، فأمره صنوه المهدي بإزالته، فامتنع[217/ب] وقال: إنه لم يحصل منه تغيير في بلاده فيتركه على حاله، فتغير المذكور من ذلك ورد تحويل حول به عليه من المعتاد لأهل جبل ضوران ورتبته، وأهم بالتقدم عليه، فعند ذلك طلب المهدي من صنوه الحسين الاتفاق والوصول، فلم يسعد إلى ذلك، وما زال يواعده ويماطله، فأهم المهدي التقرب إلى جهته، فإن وصل وإلا تقدم عليه إلى حضرته، والكتب ما زالت بينهما وبين ولده محمد بن أحمد صاحب المنصورة، وهم يواعدونه ويماطلونه ويعتذرونه ، وإنهم يخطبون له ويمضون سكته، لكنه يترك لهم بلادهم وحالهم.
واتفق في شمسان بني عكاب أن جماعة ساقوا الدبا من وادي الصلبة، فطلعت إلى مال أخرى، فلقتهم حرمة رجمت أحدهم فسقط ميتا لوقوعها في رأسه ثم رجمت آخر كذلك، وبقي الثالث منهم حمل على الحرمة قتلها، فسقط القود بها.
وفي هذه الأيام ظهر سبع أخاف الحميان للذرة بجوار جبل نقم وسعوان، وهو أكبر من الضبع في حجم الصعب ، وله عقيق كعقيق البعير الصغير، فقيل: إنه السمع وقيل: السبسب والله أعلم.
[218/أ] وفي هذه المدة حصلت نفضة في الناس، بحيث يعم المرض بعض البيوت، فلا يجدون من يصنع لهم الطعام، وقد يصنعه لهم رجالهم ثم يمرضون، ويقوم الأولون، ومنهم من يقضي عليه أجله، وكان هذا في فصل الخريف.
Shafi 587