وفي هذه الأيام أظهر القاسم بن المؤيد أنه يسير إلى صعدة، ثم إنه بقي يقدم رجلا ويؤخر أخرى، وهو إن كان علي بن أحمد يساعده ويعاونه فعل إن له هناك نفس، وإلا فإن البلاد لغيره. واضطر إلى أنه يقدم كتابا إلى صاحب صعدة، فأرسل صاحب صعدة بكتابه إلى الملك المهدي أحمد بن الحسن، فلما بلغ قاسم ذلك فتر عزمه وخاب أمله.
ووصل في هذا الشهر والي حجة السيد علي بن حسين جحاف، فاستخف المهدي بجنابه، ولم يتلقاه عند وصوله ولا وافقه، بل خرج له بعض أولاده، ولم يوافقه إلا في اليوم الثاني في المجلس العام للقاصي والداني، ووصل بشيء من الدراهم، فاستقلها فزاد مثلها.
وفي آخر هذا الشهر تفضل الله بالأمطار العامة في وسط الخريف، فصلحت الثمار.
ووقعت صاعقة بذهبان أصابت سيدا من بني المؤيد، وكذلك بسعوان أصابت امرأتين، وكان في المطر شدة ريح اقتلعت سيالة كانت خارج باب اليمن، وأخربت حدرات، وساق ذلك المطر إلى أقاصي المغرب وعم المشرق والمغرب، فلله الحمد.
وحصل نكتة من بعض أولاد محمد بن أحمد بن القاسم بالروضة[211/ب] ومعهما المهتدي الهندي الشاعر يسامرهم وينشد أشعار المجون لهم، فبلغ المهدي أعمالهم وعادتهم أمر عليهم عسكرا للقبض عليهم. وكان قد وقع منهم تعد على ساقي الغيل في الليل وهم سكارى وجناية فيه وهم ثمالى، فوجدوهم العسكر على الشراب وغيره من الفواحش والإنكار وقبضوهم وكتفوهم، وساروا بهم إلى الحضرة المهدية، فكبلهم في الحديد وأمر بهم حصن ذمرمر للتشديد، وحبس البغية التي كانت تسامرهم، وهرب المهتدي.
Shafi 577