189

وفي يوم الثلاثاء ثاني يوم في شهر شوال خرج أحمد بن الحسن من الغراس إلى موضع يسمى الحما طرف الرحبة ، وخيم فيه بالخيام، وجمع فيه القبائل من بني الحارث وبني حشيش، وحثهم على السير معه والارتحال مع من جمع من ذيبان وعيال عبد الله وهمدان، فاجتمع عنده خلق كثير. وحسين بن المتوكل فارقه من ذلك المقام، بقصد ما قاله من ذلك الكلام، وسار جهة شهارة. وكان قد وصل القاضي محمد قيس الثلائي من شهارة إلى حضرة أحمد بن الحسن ليلة العيد، واتفق وصوله عند وصول خبر الصلبة وما جرى فيها من الفعلة، فاستنكر ذلك القاضي، وكان قد أراد الصلح بين الرجلين، وأنه يكون القاسم إماما في جهات شهارة والبلاد التي قد أجابته، ولا ضرر هناك في هذه الساعة كما هو مذهب الجارودية فإنهم صححوا الإمامة[153/ب] في العصر الواحد المتضايق لإثنين فأكثر، وهو قول باطل بحصول الاختلاف المؤدي إلى الفساد، فلم يسعد أحمد بن الحسن، وقال: إن هذا ما قد جرى مثله في أرض اليمن من السابقين، وهو مظنة التنازع والفتن (وسيفان في غمد لا يصلحان ولا يتفقان) في قطر واحد ولا يجتمعان، ولكن إذا أرد إقطاع تلك البلاد التي أجابته وتوليته والاعتزاء إلينا فعلنا ذلك وأجبنا، وكان يوم ثاني خروجه كما ذكرنا. وعند ذلك الحادث في حجة واجه أكثر بلاد حجة ووصل مشائخهم، وطلبوا الأمان على بلادهم، فهم في ذلك وقد وصل عبد الله بن أحمد بن القاسم من جهة القاسم بن محمد بعساكره خارجا من السودة، فدخل إلى حورة ، فحصل مع أهل البلاد الخوف العظيم والوجل الجسيم؛ لأجل ما قد جرى منهم من المواجهة إلى جهة أصحاب أحمد بن الحسن[154/أ]، فعند ذلك سلموا الأمر وتوقفوا وعبدالله بن أحمد حجر عليهم، وغلق على بلادهم بسكونه في حورة، ولو كان أرادها عساكر أحمد بن الحسن بعد دخولهم الصلبة كانت البلدة مفرغة، إلا أنهم سكنوا عقب الحرب بالقرى حول الصلبة مثل المرواح والمحاضة.

Shafi 490