ووصل في أثرهم شكاة من بلاد قعار من واليهم الحاج عاطف أنه استأصل أموالهم بالظلم، فطلب إلى حضرة أحمد بن الحسن، واستقر هؤلاء السادة متباينين ومتفرقين غير مجتمعين ولا مؤتلفين لم يتضع أحد منهم للثاني، ولم يسمع المكاتبات بعضهم لبعض ولا من قاصي ولا داني، وكل منهم ادعى الإمامة على هذه الصفة المذكورة والحالة، وخطب له في حضرته ومن أجابه، فكان حالهم كما يقول القائل :
وتفرقوا فرقا وكل قبيلة
فيها أمير المؤمنين ومنبر
وكم سعى الوسائط في الصلاح فيما بينهم، واجتماع كلمتهم، فلم يقبل نصحهم ولا صلحهم لأمر قد علمه الله فيهم، وكان حالهم كما قال بعضهم: [146/ب]
ولا تصرفوها عن هواها وسؤلها
بعذلكم فالعذل يمنعها الصرفا
ولا تعتبوها فالعتاب يزيدها
هياما ويسقيها مدام الهوى صرفا
ولله قول الشاعر حيث يقول:
واستيقظوا فالسيل قد بلغ الزبا
وعلت عواريه على العربان
وذروا التحاسد والتنافس بينكم
وكلاهما نزغ من الشيطان
واستعملوا الإنصاف واغضوا كاشحا
لفسادكم والضم لكل لسان
وتداركوا إصلاح ما افسدتموه
ما دمتم منه على الإمكان
فتحدثوا في لم شعثكم فما
الساعي لفرقة قومه بمعان
وقد أبلى أحمد بن الحسن في العتاب غاياته وأنذرهم بأنه لا يتركهم على مخالفاته، كما قال الشاعر:
لا تنكري عتبي عليك فإنه
جميل وشر الناس من لا نعاتبه
أعاتب من أهوى على قدر وده
ولا ود عندي للذي لا أعاتبه
ثم قال لسان حالهم:
فعزما فقد طالت مداراتنا للعدى
وطال بسوء العتب فينا ولوعها
فلا دار إلا حيث يهتضم العدى
Shafi 482