وأما قبر معاوية فمختلف فيه غير متيقن، وأن قبر يزيد بن معاوية قد صار مهملا مهانا، لا يلتفت أحد إليه، بحيث ذكر أنه قد يطرح عليه بعض الأوساخ، وذكر انتظام عمل مكة، وأن السلطان جعل المشارفة فيها للشيخ العلامة محمد بن سليمان المالكي الفاسي المغربي في النظر على مقرراتها وما يصل إليها وقسمتها، ووضع كل شيء في مصرفه، فانتظمت أمورها، وإن كان حصل، مع الأشراف ما حصل فلم يسعهم إلا الامتثال في كل ما فعل. وذكر المذكور مزيد قوة يد السلطان محمد بن إبراهيم بن عثمان، وامتداد يده في كثير من بلاد الفرنج هذا الزمان، وذكر أن في بعض أطراف الشام باطنية زنادقة، من بواقي القرامطة الردية، إلا أنهم مدوخون عن إظهار قبائحهم بدولة السلطان، وأما فيما بينهم فهم عليه يتركون صيام رمضان[98/ب] ويستحلون الحرام، ويعتقدون تناسخ الأرواح، وينفون البعث، قاتلهم الله، وكأنهم من طائفة الباطنية الغلاة. وذكر أن من دمشق إلى محل السلطان قدر أربعين يوما برا.
وفي هذه السنة انحسر بحر صنعاء وقارب الرجوع إلى حالته الأولة قبل الردة،ونقصت الغيول المحدثة، ونزل سيل عظيم في الخريف من جبل الحفا وحدة إلى وادي صنعاء، فأخرب غيل خندقها الذي أحدثه الإمام ودفنه جميعا، وكان هذا في خرابه رابع مرة، فتركوه، وأهملوه ولم يصلحوه، لمشقته وكثرة خرابه وتغيره.
وفي هذه الأيام قد كان توجه إلى جهة جدة بعض شيء من المراكب الهندية، فلما وصلت إلى حدود جازان تغيرت عليهم الريح فردتهم، وهاج عليهم البحر، فرجعوا إلى المخا، والسبب أن أيام الخريف من أوله يهيج البحر اليماني مدة قدر شهرين، فيعسر مروره بالجلاب، إلا على خطر، ثم يصلح[99/أ] بعد ذلك، ولكن لما تقارب على أهل الهند العود إلى بلادهم، وتضيق وقتهم دخلوا المخا، ولما رأوه من خسارة البيع فيه والشراء.
Shafi 418