Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
Bincike
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
Lambar Fassara
الأولى ١٤٢٢هـ
Shekarar Bugawa
٢٠٠٢م
Nau'ikan
الحديث الرابع والثلاثون: ما نقصت صدقة من مال
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا. وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ١.
هذا الحديث احتوى على فضل الصدقة، والعفو والتواضع، وبيان ثمراتها العاجلة والآجلة، وأن كل ما يتوهمه المتوهم من نقص الصدقة للمال، ومنافاة العفو للعز، والتواضع للرفعة. وهم غالط، وظن كاذب.
فالصدقة لا تنقص المال؛ لأنه لو فرض أنه نقص من جهة، فقد زاد من جهات أُخر؛ فإن الصدقة تبارك المال، وتدفع عنه الآفات وتنميه، وتفتح للمتصدق من أبواب الرزق وأسباب الزيادة أمورًا ما تفتح على غيره. فهل يقابل ذلك النقص بعض هذه الثمرات الجليلة؟
فالصدقة لله التي في محلها لا تنفد المال قطعًا، ولا تنقصه بنص النبي ﷺ، وبالمشاهدات والتجربات المعلومة. هذا كله سوى ما لصاحبها عند الله: من الثواب الجزيل، والخير والرفعة.
وأما العفو عن جنايات المسيئين بأقوالهم وأفعالهم: فلا يتوهم منه الذل، بل هذا عين العز، فإن العز هو الرفعة عند الله وعند خلقه، مع القدرة على قهر الخصوم والأعداء.
ومعلوم ما يحصل للعافي من الخير والثناء عند الخلق وانقلاب العدو صديقًا، وانقلاب الناس مع العافي، ونصرتهم له بالقول والفعل على خصمه، ومعاملة الله له من جنس عمله، فإن من عفا عن عباد الله عفا الله عنه. وكذلك المتواضع لله ولعباده ويرفعه الله درجات؛ فإن الله ذكر الرفعة في قوله: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة:١١]، فمن أجلّ ثمرات العلم والإيمان: التواضع؛ فإنه الانقياد الكامل للحق، والخضوع لأمر الله ورسوله؛ امتثالًا للأمر، واجتنابًا للنهي، مع التواضع لعباد الله، وخفض الجناح لهم، ومراعاة الصغير والكبير، والشريف والوضيع. وضد ذلك التكبر؛ فهو غمط الحق، واحتقار الناس.
_________
(١) أخرجه: مسلم في "صحيحه" رقم: ٢٥٨٨.
1 / 91