الحديث الرابع والثمانون: المرء مع من أحبّ
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ١.
هذا الحديث فيه: الحث على قوة محبة الرسل، واتباعهم بحسب مراتبهم، والتحذير من محبة ضدهم؛ فإن المحبة دليل على قوة اتصال المحب بمن يحبه، ومناسبته لأخلاقه، واقتدائه به. فهي دليل على وجود ذلك. وهي أيضًا باعثة على ذلك.
وأيضًا من أحب لله تعالى، فإن نفس محبته من أعظم ما يقربه إلى الله؛ فإن الله تعالى شكور، يعطي المتقرب أعظم -بأضعاف مضاعفة- مما بذل. ومن شكره تعالى: أن يلحقه بمن أحب، وإن قصر عمله. قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ [النساء:٦٩] .
ولهذا قال أنس: "ما فرحنا بشيء فرحنا بقوله ﷺ: الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أحب. قال: فأنا أحب رسول الله ﷺ، وأبا بكر، وعمر، فأرجو أن أكون معهم"٢.
وقال تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ﴾ [الرعد:٢٣] . وقال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ﴾ [الطور:٢١] . وهذا مشاهد مجرب إذا أحب العبد أهل الخير رأيته منضمًا إليهم، حريصًا على أن يكون مثلهم. وإذا أحب أهل الشر انضم إليهم، وعمل بأعمالهم.