ومما استدلوا به من العقليات أنهم قالوا: "لا تخلو أفعال العباد من أحد ثلاثة أمور: إما أن تنسب إليه تعالى وحده، أو تنسب إليه وإلى العبد معا، أو تنسب الى العبد فقط، فبطل الأول لإستلزامه الجبر الآتي بيان بطلانه فيما سيأتي قريبا إن شاء الله ، وبطل الثاني لإستلزامه مشاركة الله في أفعاله وهو تعالى منزه عن ذلك، فببطلان هذين الوجهين ثبت الثالث". قلنا: لا نسلم إستلزام مشاركة الله في أفعاله على ثبوت الوجه الثاني لأن لفعل العبد جهتين: جهة ايجاد وهي الجهة التي يخرج بها فعل العبد من العدم الى الوجود وبهذه الجهة تتعلق قدرة الباري تعالى، وجهة اكتساب وهي اضافة ذلك الفعل الى العبد مع اختيار العبد لذلك وبهذه الجهة تتعلق قدرة العبد فالله تعالى إنما يخلق الفعل للعبد حال اختيار العبد له وتوجيه القدرة اليه لإكتسابه، فالعبد مكتسب والله تعالى موجد وإذا اختلفت الجهتان انتفت المشاركة فقد سقط بحمد الله ما تعلقوا به ولنرجع الان إلى بيان استدلالنا عليهم.
Shafi 280