(176)(وعدم التعيين ليس يقدح في قولنا إن الوجود أرجح) اختلف الناس في الجنة والنار هل هما مخلوقتان الآن أم لا؟، فذهب الجمهور منا ومن غيرنا إلى أنهما مخلوقتان الآن واستدلوا بأحاديث عنه - صلى الله عليه وسلم - تدل على وجود الجنة؛ قالوا: ومثلها في الوجود النار إذ لا قائل بالفرق بينهما في ذلك(_( ) كحديث الحجر الذي كان يهوي في جهنم وسمع صوته الصحابة فأخبرهم النبي بخبره. فليحرر._)، وذهب البعض منا وكثير من غيرنا إلى انهما ليستا بمخلوقتين الآن وإنما هما ستخلقان(_( ) في الأصلين: سيخلقان. والمقام يقتضي التأنيث فأصلحته. _) بعد وقوع الفناء العام قالوا: لو كانتا مخلوقتين الآن للزم فناؤهما لقوله تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه } القصص : 88 وهما مخلدتان فلا يصح أن تكونا موجودتين الآن، والأصح ما عليه الجمهور من وجودهما الآن لما ثبت بالأدلة القاطعة أن آدم وحواء كانا في الجنة وقد أهبطا منها، والقول بأن الجنة التي كانا فيها غير الجنة الموعود بها تكلف لا دليل عليه، والجواب عما استدل به النافون لوجودهما الآن هو أن نقول أن قوله تعالى: { كل شيء هالك } عام يحتمل التخصيص فالجنة والنار قد خصصا بعدم الفناء بالأدلة القاطعة على بقائهما أبدا، أو نقول: إن الجنة والنار قابلتان للفناء بحسب ذاتهما، والقابل للفناء فان في المعنى لجواز ذلك عليه والجواب الأول أظهر، ثم اختلف القائلون بوجودهما الآن في محلهما الذي هما فيه فعين بعضهم المحل ووقف قوم عن التعيين، والوقف عن تعيين محلهما هو الأولى بنا إذ لا علم لنا إلا بما علمنا ولم يرد عن الشارع تعيين محلهما وإن قدر أن هناك دليل فهو آحادي لا يفيد العلم، ووقوفنا عن تعيين المحل لا يقدح في ترجيحنا القول بوجودهما الآن لأنه لا يلزم من علمنا بوجودهما علمنا بتعيين محلهما والله أعلم.
(177)(والكتب صحف حوت الأعمالا والحوض حق فاترك الجدالا)
Shafi 228