_): "واختلفوا في كيفية قبض الروح فقال بعض العلماء: إن ملك الموت للروح بمنزلة حجر المغناطيس في جذبه للحديد وأنه إذا ظهر الملك للروح طارت اليه، وقال قوم: إن الله تعالى يخرج الروح فيتلقاها الملك. قال: والصحيح أن الله سبحانه هو الذي يحيي ويميت وهو أعلم بكيفية ذلك "(انتهى). وفي تصحيحه رحمه الله اشارة إلى التوقف عن القول بأحد القولين فهو مذهب ثالث له، ووجه تصحيحه للتوقف أن هذا شيء لا يطلع عليه إلا بتوقيف من الشارع وكأنه لم يثبت عنده توقيف فرأى التوقف أولى.
وقوله: (والبعث ردها إليه) أي رد الروح إلى الجسد خلقا ثانيا وإعادة ابتدائية بعد إعدام محض، فهو ممكن عقلا وصرح بثبوته النقل قال تعالى: { كما بدأنا أول خلق نعيده } الأنبياء : 104 وقال: { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة } يس : 79 فليست الإعادة أشد من الإنشاء الأول والكل في قدرته ممكن وواقع بلا شك فالإيمان بالبعث واجب. وقوله: (للأبد) المراد بالأبد عدم الغاية فيما يستقبل أي رد الروح للجسد بعد الموت هي حياة لا غاية لها إما في نعيم وإما في جحيم، وهذا التأبيد خاص للمكلفين دون غيرهم من الحيوانات والحشرات فإنها إنما تبعث ثم تصير ترابا، وأما أولاد المكلفين فحكمهم في البعث حكم آباءهم لكن يخلد من لم يبلغ منهم في الجنة لعدم نقضهم الميثاق الذي أخذ الله عليهم، وكذلك حكم المجانين في البعث حكم المكلفين فإنهم إما أن يكونوا قد أتت عليهم حالة حكمهم فيها حكم البالغين فهم على ذلك الحكم من خير أو شر، وإما أن يكونوا لم تأت عليهم حالة من ذلك فحكمهم حينئذ حكم من لم يبلغ الحلم لعدم نقضهم الميثاق أيضا والله أعلم.
Shafi 216