(160)(وقيل ما قد كان منسوخا وما قد كان ناسخا يسمى محكما) المتشابه هو خلاف المحكم وعرفوه بأنه: هو الذي اختفى معناه، ولخفاء معناه سببان؛ أحدهما اجمال اللفظ، وثانيهما أن يكون ظاهره مخالفا لدليل العقل وذلك كما إذا كان في ظاهره تشبيه الباري عزوجل بخلقه كآية الإستواء، فهو باعتبار سببه قسمان مجمل وما كان ظاهره التشبيه، وهذا الحد الذي ذكره المصنف وهو أن المتشابه ما اختفى معناه شامل لأكثر التعاريف الواردة من العلماء في المتشابه، فيدخل تحته قول من قال: إن المتشابه ما كان له احتمالان فصاعدا يختفي فيه المعنى المراد منه ولا يعلم الا بدليل خارجي؛ وهذا الدليل هو الذي نسميه بالبيان، ويدخل تحته أيضا من قال: إن المتشابه هو ما كان مبهما وذلك كما في قوله تعالى: { عليها تسعة عشر } المدثر : 30 فأبهم المعدود من هذه الآية فلم يدر ما هو واحتمل أن يكون تسعة عشر ملكا وأن يكون تسعة عشر صفا إلى غير ذلك وكما في قوله تعالى: { ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية } الحاقة : 17 فحقيقة الثمانية مبهمة، ووجه دخول هذا في تعريف المصنف إنما هو من حيث خفاء المعنى المراد، ويدخل تحته أيضا قول من قال: إن المتشابه هو ما لا يعلم تأويله إلا الله كوقت الساعة وككيفية الحشر وكحقيقة الثواب وحقيقة العقاب إلى غير ذلك ووجه دخوله فيما تقدم بجامع الخفاء، ولذا قال المصنف: (فكل هذا أصله متحد) أي أصل هذه الأقاويل واحد وهو الخفاء، وقوله: (وجعله أشياء.. الخ) أي جعل ما ذكر هاهنا أشياء متعددة لمعان مختلفة غير محمود لأن كل واحد من تلك الأقوال انما اعتبر جهة من جهات الخفاء، فالقدر المشترك بين الجميع هو الخفاء فينبغي أن يؤخذ في تعريف المتشابه فتكون تلك الأقاويل أنواعا له كما صنع المصنف، وأما قوله: (وقيل أحرف.. الخ) فهذه ثلاثة أقاويل في المتشابه خارجة عن ضابط الخفاء :
Shafi 212