160

قلنا: يأتي الوجه في اللغة على معان منها الجارحة المحدودة، وتفسير الوجه في حقه تعالى بها محال للزومه التشبيه المصرح بنفيه قوله تعالى: { ليس كمثله شيء } الشورى : 11 مع ما تقدم من البرهان العقلي، فوجب تفسير الوجه بغير الجارحة في حقه تعالى، فقلنا معنى الوجه في الآيات إنما هو بمعنى الذات فقوله تعالى: { ويبقى وجه ربك } أي ذات ربك، وقوله تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه } أي ذاته وكذا في نظائرهما من الآيات.

وتعلقوا في اثبات العين له تعالى بقوله تعالى: { ولتصنع على عيني } طه : 39 { تجري بأعيننا } القمر : 14 . قلنا: معنى العين في الآيتين الحفظ، فقوله تعالى: { ولتصنع على عيني } أي على حفظي، و { تجري بأعيننا } أي بحفظنا، ولا يصح أن تكون العين هنا بمعنى الجارحة الباصرة لما تقدم من البرهان العقلي والنقلي، ولأن الآيات لا يمكن حمل معناها على العين التي هي بمعنى الباصرة، فإنه لا يشك عاقل في أنه ليس المراد أن موسى عليه السلام مصنوع على العين الباصرة (أي فوقها!!) ولا أن السفينة تجري بالأعين الباصرة أيضا، فلا بد لهؤلاء المشبهة من تأويل الآيتين قطعا، وقد فروا عن التأويل فوقعوا فيما فروا منه وزادوا على ذلك تشبيه ربهم تعالى.

Shafi 192