وَبِالْجُمْلَةِ فذات زيد مثلا هِيَ بعض مَدْلُول مَا صدقَات الِاسْم على الأول وَهِي بعض مَا صدقاته على الثَّانِي لِأَن مَدْلُول الِاسْم على الأول هُوَ اللَّفْظ الدَّال على معنى وَلَفظ زيد بعض مَا صدق عَلَيْهِ ذَلِك اللَّفْظ وذاته هِيَ مَدْلُول مَا صدقه وعَلى الثَّانِي هِيَ مَا صدقه لَا مَدْلُول مَا صدقه فمدلوله على الأول لفظ دَال على معنى أيًا كَانَ، ومدلوله على الثَّانِي نفس الْمَعْنى أيًا كَانَ. وَدَلِيل القَوْل الأول قَوْله تَعَالَى: وَللَّه الْأَسْمَاء الْحسنى﴾ (الْأَعْرَاف: ١٨٠) أَي أَلْفَاظ دَالَّة عَلَيْهِ فَادعوهُ بهَا﴾ (الْأَعْرَاف: ١٨٠) وَقَوله ﷺ: (إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما) أَي لفظا للْقطع بِأَن الْمُسَمّى وَاحِد لَا تعدد فِيهِ. وَدَلِيل القَوْل الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى﴾ (الْأَعْلَى: ١) وَالتَّسْبِيح الَّذِي هُوَ التَّنْزِيه عَن صِفَات المحدثات إِنَّمَا هُوَ للذات دون اللَّفْظ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: مَا تَعْبدُونَ من دونه إِلَّا أَسمَاء سميتموها﴾ (يُوسُف: ٤٠) وعبادتهم إِنَّمَا هِيَ للمسميات دون الْأَسَامِي. وَإِذا تقرر هَذَا علمت أَن لفظ اسْم فِي الْبَسْمَلَة هُوَ مقحم على الأول أَو بِمَعْنى التَّسْمِيَة أَو من إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص إِذْ مَعْنَاهُ بدأت مستعينًا بِاللَّه أَو بِتَسْمِيَة الله أَو بِسم هُوَ الله، وَأما على الثَّانِي فَلَا يؤول بِشَيْء إِذْ مَعْنَاهُ مستعينًا بمسمى الله ومسماه هُوَ ذَاته الْعلية أَي مستعينًا بمسمى هَذَا اللَّفْظ على أَن الْخلاف لَفْظِي كَمَا صرح بِهِ الشَّيْخ زَكَرِيَّا وَغَيره فَمن قَالَ: إِنَّه غير الْمُسَمّى أَرَادَ حَيْثُ يكون الحكم مناسبًا لغير الْمُسَمّى كَقَوْلِك: تَلَوت اسْم زيد أَي لَفظه وَمن قَالَ: إِنَّه عين الْمُسَمّى أرَاهُ حَيْثُ يكون الحكم مناسبًا لذَلِك أَيْضا كَقَوْلِك: رَأَيْت اسْم زيد أَي ذَاته، وَأما تَقْسِيم الْأَشْعَرِيّ ﵁ أَسمَاء الله تَعَالَى إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام مَا هُوَ نفس الْمُسَمّى أَي مَدْلُوله نفس الْمُسَمّى مثل لفظ الله الدَّال على ذَاته تَعَالَى، وَمَا هُوَ غَيره كالخالق والرازق وَنَحْوهمَا من صِفَات الْأَفْعَال أَي يفهم مِنْهَا غَيره تَعَالَى وَهُوَ الْخلق والرزق الناشئان عَن قدرته بِخِلَاف الأول إِذْ لَا يفهم من لفظ الله سوى ذَاته تَعَالَى وَمَا هُوَ لَا عينه وَلَا غَيره كالعالم والقادر وَنَحْوهمَا من الصِّفَات الْقَدِيمَة، فَلَيْسَ من هَذَا الْقَبِيل لِأَنَّهُ لم يقل ذَلِك فِي لفظ الِاسْم، وَالْخلاف الْمُتَقَدّم إِنَّمَا هُوَ فِي لفظ الِاسْم لَكِن قَالَ بَعضهم: إِن قَوْله لَا عينه وَلَا غَيره لَا يَخْلُو من صعوبة وإشكال، وَقد انْفَصل عَن ذَلِك بَعضهم بِأَن المُرَاد أَن تِلْكَ الصّفة الْحَقِيقِيَّة لَيست غير الذَّات مفهومًا أَي مدلولًا وَلَا عينهَا خَارِجا اه. وَلَعَلَّه يُرِيد أَنه لَا يُقَال أَن مدلولها غير الذَّات وَلَا عين الذَّات، بل مدلولها الذَّات بصفتها وَالله أعلم. وَهَذِه الْمَسْأَلَة عويصة بسطت الْكَلَام فِيهَا لصعوبتها على الْولدَان المبتدئين. تَنْبِيه: قَالَ الْبَغَوِيّ فِي اخْتِصَار قَوَاعِد الْقَرَافِيّ مَا نَصه: قَالَ صَاحب الْخِصَال الأندلسي: يجوز الْحلف بِقَوْلِك: بِسم الله، وَتجب بِهِ الْكَفَّارَة، قَالَ الْقَرَافِيّ: هَذِه الْمَسْأَلَة فِيهَا جور بِسَبَب أَن الِاسْم هَهُنَا إِن أُرِيد بِهِ الْمُسَمّى استقام الحكم، وَإِن لم يرد بِهِ الْمُسَمّى فقد حكى ابْن السَّيِّد البطليوسي أَن الْعلمَاء اخْتلفُوا فِي لفظ الِاسْم هَل هُوَ مَوْضُوع للقدر الْمُشْتَرك بَين الْأَسْمَاء فمسماه لفظ أَو وضع فِي اللُّغَة للقدر الْمُشْتَرك بَين المسميات فَلَا يتَنَاوَل إِلَّا مُسَمّى؟ قَالَ: وَهَذَا
1 / 11