ولما دخل المغول بغداد لم تسلم هذه المدرسة من يد الاعتداء، فقد عصفت بكتبها وأثاثها عاصفة النهب والتبديد، ثم أعيدت إلى سابق عهدها، وأعيدت إليها أوقافها، ولم تزل على ذلك إلى العهد العثماني، وهناك جردها المتغلبون من أوقافها ، فبقيت تعالج السكرات إلى أن عهد بولاية بغداد إلى سليمان باشا المتوفى سنة 1217، فجعل المستنصرية مستغلا لمدرسته «السليمانية»، ومنذ ذلك الحين صارت المستنصرية خانا تخزن فيه السلع، ثم إن المجلس العسكري استأجرها من دائرة الوقف لعدة سنوات بمبلغ زهيد، ولم تلبث الدوائر العسكرية أن ادعت ملكيتها وباعتها لدائرة الرسومات سنة 1311، وهنا وصلت بها الحال إلى أدنى دركات الهوان، فرثاها الشعراء المعاصرون رثاء أبكى العيون، فمن ذلك قول جميل صدقي الزهاوي - عليه الرحمة:
وقفت على المستنصرية باكيا
ربوعا بها للعلم أمست خواليا
وقفت بها أبكي قديم حياتها
وأبكي بها الحسنى وأبكي المعاليا
وقفت بها أبكي بشعري بناتها
وأنعى سجاياهم وأنعى المساعيا
بكيت بها المدفون في حجراتها
من العلم حتى بل دمعي ردائيا
وقد جد بعض الأحرار الغير، فأثبتوا أمام المحاكم أنها المدرسة المستنصرية، فأعادوها إلى دائرة الأوقاف على الرغم من أنوف الجاهلين، وفي النية رمها وإصلاحها وجعلها معهدا علميا يلتئم مع حاجة العصر الحاضر.
Shafi da ba'a sani ba