ولازم النُّور الأنباري حَتَّى حمل عَنهُ الْكثير من الْفِقْه والعربية واللغة وَبِه انْتفع فِي عُلُوم الْأَدَب وَغَيرهَا وَدخل مصر لَعَلَّه قَرِيبا من سنة ٨٠٤ أَربع وثمان مائَة فَأخذ عَن السراج البلقيني ولازمه سنة وَأخذ عَن الْكَمَال الدميري شَيْئا من مصنفاته ولازمه وَسمع إِذْ ذَاك على العراقي والهيثمي وَتردد بهَا إلى غير وَاحِد من شيوخها ثمَّ عَاد إلى بَلَده فَأَقَامَ بهَا على أحسن حَال وأجمل طَريقَة وَسمع على أَبِيه وَالْجمال ابْن الشرائحي والتقى صَالح بن خَلِيل بن سَالم وَعَائِشَة ابْنة عبد الهادى وَالشَّمْس بن حطاب وباشر نِيَابَة الحكم عَن أَبِيه والخطابة بِجَامِع بني أُمِّيّه ومشيخة الشُّيُوخ وَنظر الْحَرَمَيْنِ ثمَّ صرف وجهز إليه الْقَضَاء حِين اسْتَقر الْكَمَال بن البارزي في كِتَابَة سر الديار المصرية فَامْتنعَ وصمم وراجعه النَّائِب وَغَيره من أَعْيَان الرؤساء فَمَا أذعن وتكرر خطبه لذَلِك مرة بعد أُخْرَى إلى أَن قيل لَهُ فعين لنا من يصلح فعين أَخَاهُ وَولى مشيخة الخانقاه الباسطيه من صالحية دمشق وروي عَنهُ حِكَايَة عَجِيبَة وهي أَنه دخل على واقفها قبل أَن يَجْعَلهَا مدرسة فَأَعْجَبتهُ وَقَالَ فِي نَفسه إنه لَا يتهيأ لَهُ سُكُون مثلهَا الا فِي الْجنَّة فَلَمَّا انْفَصل عَنهُ بعد السَّلَام عَلَيْهِ لم يصل إلى بَابهَا إلا وَبَعض جمَاعَة صَاحبهَا قد تبعه وَأخْبر أَنه تحدث عقب خُرُوجه بأنه سيجعلها مدرسة ويقرره في مشيختها ثمَّ جعلهَا كَذَلِك وَقَررهُ فِيهَا وَهُوَ مَحْمُود الْمُبَاشرَة في جَمِيع مَا تولاه يصمم على الْحق وَلَا يلْتَفت إلى رسائل الكبراء في شفاعات وَنَحْوهَا
وَله مؤلفات مِنْهَا مُخْتَصر الصِّحَاح للجوهري وَهُوَ مُخْتَصر حسن وَله ديوَان خطب ورسائل وديوان شعر ومؤلف سَمَّاهُ الْغَيْث الهاتن في وصف العذار الفاتن أَتَى فِيهِ بمقاطيع فائقة نَحْو مائَة وَخمسين مَقْطُوعًا
1 / 9