{إن الله اصطفاه عليكم وزاده بصطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء}(1) يعني تعالى ممن يشاء ممن جعله صالحا لذلك، والبسطة في الجسم في الأئمة عليهم السلام لا يشترط أن تكون زيادة في كبر الجسم ولا زيادة في القوة بالإجماع بين الأمة وصريح الأدلة لأن المقصود إقامة الدين لكن المقصود سلامة الحواس السلامة التي يمكن معها إقامة الدين وشعار الإسلام، فلا يضر العور ولا العرج غير الكسر الذي يكون معه مقعدا؛ لأن المقصود يتم ولو كان ذلك حاصلا، وأن يكون ذا علم يكفي الأمة على وجه يستنبط به علمه من الكتاب والسنة من غير تقليد بأن يكون مجتهدا فيهما لقوله تعالى في طالوت {وزاده بصطة في العلم}(2)، ولأنها فرع النبوة، والأنبياء هم العلماء من الناس [41أ] على الحقيقة، وأن يكون شجاعا بحيث ليمكنه الوقوف حيث يغلب بظنه السلامة يمكنه أداء ما فرض الله من الجهاد بأدلة الكتاب والسنة ولو لم يحسن ركوب الخيل على وجه الفراسة ولو لم يحسن صنعة الرمي لإمكان الجهاد بغيرهما، وأن يكون فيه من تدبير الحرب عند الحاجة ما يغلب على الظن أن ذلك فيه الإصابة في أكثر الأقوال ولو انكشف خلافه أو عارضه رأي أحد أو تقدم توكلا حيث يظن السلامة ويظن حصول المقصود فذلك تدبير، ولو انكشف خلاف ما ظن من المصلحة لقصة أحد معه صلى الله عليه وآله وسلم وأن يكون سخيا بوضع الحقوق الواجبة من خمس وزكاة وفطرة وقسمة في كل في مواضعه من المصارف وإلا ففي الجنس وما وجد من الأصناف إن لم ينحصروا، وتجوز المفاضلة بين كل جنس لمصلحة دينية عامة أو خاصة يظن حصولها لفعله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر وتكون المفاضلة من غير إجحاف في الباقي ولا منع لكل نصيبهم فإن ذلك حيف وجور، فلا يحل ذلك لقوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}(1) وأن يكون ورعا عن الحرام والمتشابه لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الدين الورع قالها ثلاثا)) (2) وإذا ثبت له الورع فهو عدل، وإن لم يكن ذا ورع عن الحرام المتيقن والمظنون ما لم يكن الأصل الإباحة كان غير عدل إذا ترك الورع عمدا، فلا تصح إمامته لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يؤمكم ذو جرأة في دينه))(3) وهذا الحديث في إمامة الصلاة؛ فالإمامة الكبرى التي هي للصلاة وغيرها بالأولى والأحرى أن لا تصح من صاحب الجرأة حتى يتوب، إذ هي أعم من إمامة الصلاة ولأنه إذا لم يتورع عن الحرام المتيقن وإن قل ظالم لنفسه، وقد قال تعالى: {لا ينال عهدي الظالمين}(4).
Shafi 199