باب
الاستعارة
اعلم أن الاستعارة هو أن يستعار الشيء المحسوس للشيء المعقول، كما قال الله ﷾: " لا تظلمون فتيلا "، " ولا يظلمون نقيرا " و" ما يملكون من قطمير ".
والاستعارة أوكد في النفس من الحقيقة، وتفعل في النفوس مالا تفعله الحقيقة، وقوله: فتيلا، أنفى للكثير والقليل من قوله: شيئًا. وقوله تعالى: " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة "، و" إنه في أم الكتاب "، " واشتعل الرأس شيبًا "، " نسلخ منه النهار "، " عذاب يوم عقيم ".
وقال النبي ﷺ: " ضموا مواشيكم حتى تذهب فحمة العشاء " وقال علي ﵇ لبعض عماله: أرغب راغبهم، وأحلل عقدة الخوف عنهم وقال عليه وآله السلام: " اتسع نطاق الإسلام، فلا حاجة إلى الكحل والخضاب ". وكتب علي ﵇ إلى الخوارج فقال: الحمد لله الذي فض خدمتكم وفرق كلمتكم.
وقال ﵇ لعبد الله بن وهب الخارجي في كلامه: " لا خير في الرآي الفطير، والكلام القضيب، إن عيون الرأي يكشف عن فصه، والفكرة مخ العمل ". فأبدع ﵇ في هذه الكلمات الأربع، ولو قال: لب العمل لم يكن بديعًا.
وأحسن الاستعارات قول ذي الرمة:
1 / 41