ولأنه لو لم يكن لهم لغة يتفاهمون بها لا يفهمون قول الرسول، فلا يفيد إرسال الرسول إليهم.
وأما الفريق الثالث-[فـ] ذهبوا في ذلك إلى أن قدرًا منه يحتاج إليه بالتوقيف ليحصل البنية، والبحث على الاصطلاح. وكان ذلك توقيفًا، والثاني بعده اصطلاحًا.
هذا بيان الأقاويل- ونحن نقول:
الكلام في ذلك: إما أن يقع في الجواز، أو الوقوع.
أما الجواز- فكل هذه المذاهب في حيز الجواز، والإمكان:
أما الأول- فلأن من الجائز أن يخلق الله تعالى الأصوات والحروف، بحيث يسمعها واحد أو جماعة، ويخلق فيهم العلم الضروري: أنه قصد به الدلالة على المسميات.
وأما الثاني-[فـ] بأن يجمع الله تعالى دواعي جماعة يصطلحون عليه. وطريق ذلك أن يركب هذه الحروف، ويؤلف العبارات، ويريد به معنى، ويعرف المخاطب بالإشارة معها أو بتكرار اللفظ، كما يفعل الوالدان بالولد الطفل، وكما يفعله الأخرس بإعلام ما في ضميره بالإشارة وغير ذلك.
وأما الثالث- فإذا ثبت جواز كل واحد من هذين القولين، [فقد] ثبت جواز الثالث، لأنه مشتمل عليهما.
هذا هو الكلام في الجواز.
1 / 36