والدليل على أن الله تعالى قد تكلم بالمجاز- قوله تعالى: ﴿فَوَجَدَا فِيهَا جِداَرًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ﴾: أطلق اسم "المريد" على الجدار، وهذا مجاز من الكلام. وقوله تعالى: ﴿وجَاءَ رَبُّكَ﴾ وهذا مجاز أيضًا، إلى غير ذلك.
فإن قيل: ما أنكرتم أن هذه الأسامي في اللغة مجاز عن هذه المعاني، لكن لما استعملها الله تعالى فيها صارت منقولة إليها، وصارت حقيقة شرعية، كاسم الصلاة والحج وغيره- قلنا: لو كان الأمر كذلك لكان يسبق إلى أفهام أهل الشرع عند سماع هذه الألفاظ معانيها التي أرادها الله تعالى ولا يحتاج إلى القرينة، كما في اسم الصلاة والحج، ومعلوم أنه لا يسبق إلى أفهام أهل الشرع عند سماع هذه الألفاظ تلك المعاني إلا بقرينة، فعلم أنه مجاز فيها.
١٠ - باب في: ذكر ما يفصل بين الحقيقة والمجاز:
اعلم أن الحقيقة تنفصل عن المجاز بحكم يختص كل واحد منهما.
فمن حكم الحقيقة أن تطرد في فائدتها على الحد الذي يفيدها، إما مطلقة أو مشروطة، إلا أن يمنع من ذلك مانع. مثال المطلقة: قولنا: "طويل":
1 / 28