موضوعًا للشيئين على سبيل الاشتراك لا يقع الإفهام بواحد منهما، وفيه نقض الغرض بالمواضعة.
لكنا نستدل على جواز ذلك، فنقول:
إن الإفهام على سبيل الإجمال قد يكون مقصود العقلاء، كما أن الإفهام على سبيل التفصيل مقصود العقلاء، فإن واحدًا منا قد يشاهد سوادًا فيريد أن يخبر غيره عمَّا شاهده على سبيل التفصيل، فيقول: "شاهدت سوادًا". وقد يريد أن يخبره على سبيل الإجمال فيقول: "شاهدت لونًا". ومتى جاز تعلق الغرض بكل واحد من الإهامين، جاز أن يضعوا اسمًا يطابق كل واحد من الإفهامين، ليكون كل واحد منهما وصلة إلى الغرض المطلوب منه. وفي هذا جواب عمَّا قالوه. وهذا دليل الجواز. والدليل على ثبوت ذلك -أن أهل اللغة قالوا في كتبهم: إن قولنا "شفق" من أسماء الأضداد وهو مشترك بين البياض والحمرة، وكذا اسم "القرء" من أسماء الأضداد، وهو مشترك بين الحيض والطهر- فدل [ـت] أقوالهم على ثبوت الأسماء المشتركة.
فإن قيل: ما أنكرتم أن "القرء" في الأصل موضوع لفائدة مخصوصة، ثم يقع ذلك في الحيض والطهر، لوجود تلك الفائدة. فإذن الاسم من الأسماء المشتقة لا من الأسماء المشتركة- قلنا: إنما يصار إلى هذا التكلف إذا لم يجز أن يكون اللفظ الواحد موضوعًا للشيئين على سبيل الاشتراك- أما إذا جاز ذلك، ونقل عن أهل اللغة أن هذه الأسامي مشتركة، [فـ] لا يصار إلى هذا التكلف، وقد دللنا على جواز ذلك، فلا يُصار إلى ما قلتم، لأنه قول لا دليل عليه.
1 / 18