ومنها- استدلال أبي بكر ﵁ على نفي الإمامة عن الأنصار بقوله ﵇ "الأئمة من قريش"- فلولا أن هذا الحديث يقتضي نفي الإمامة عما عدا قريش، لما صح ذلك منه. وروى عن ابن عباس ﵄ نفي الربا [في] النقد بقوله ﵇ "إنما الربا في النسيئة"، فلولا أن تخصيص الربا بالنسيئة يدل على نفي الربا عما عداه، لما صح ذلك منه.
والجواب:
أما الأول- قلنا: الحكم المقيد بالصفة جار مجرى الحكم بالاستثناء من جميع الوجوه، أو من وجه دون وجه؟
الول ممنوع، والثاني مسلم. ونحن نقول بأنهما يجريان مجرى واحدًا: في أن كل واحد منهما يدل على ثبوت الحكم فيما تناوله، إلا أن الحكم المقيد بالاستثناء اختص بزيادة فائدة، وهي الدلالة على نفي الحكم عن المستثنى.
وأما الثاني- قلنا: الحكم لا يجعل مدلولًا للفظ لتكثير الفوائد، وإنما يجعل مدلولًا إذا كان موضوعًا له، أو موضوعًا لشيء يدل عليه- ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ﴾: هذا لا يجعل دليلًا على نفي قتل غير المشركين، لما أنه غير موضوع له، وإن كان فيه تكثير الفوائد.
وأما الثالث والرابع- قلنا: قوله ﵇: "الماء من الماء" اقتضى أن يكون جميع الغسل في الإنزال، لأن الألف واللام للاستغراق، فاقتضى نفي