============================================================
قلت: ولا معارضة بينهما على ما تقدم؛ بل إقدام الزبير من قوة إيمانه وشدة يقينه، ومنع ابنه الصغير من مس الأبرص(1)، خشية أن يقدر الله عليه أن يصيبه ذلك، فيظن لعدم توسعه في العلم أنه من المن، فيعتقد العدوى المنهي عن اعتقادها. وسيأتي بسط ذلك في الأمر الثالث.
الأمر الثاني: قال تاج الدين السبكي: احتجوا أيضا بالقياس على الفرار من الأسد والعدو الذي لا يقدر على دفعه؛ فإن الكفار وقطاع الطرق إذا قصدوا من لا طاقة له بهم، جاز التنحي من بين آيديهم. ونقل فيه أبو الحسن الكيا الهراسي(2) - من الشافعية - الاتفاق فقال: لا نعلم خلافا في الجواز، وإن كانت الآجال لا تزيد ولا تنقص.
(84اب والجواب: أن القياس على الفرار) من الأسد والعدو ضعيف) فإن السلامة منهما نادرة، والهلاك معهما كالمتيقن، فصار كالقاء الإنسان نفسه في النار بخلاف الفرار من البلد الذي يقع يه الطاعون؛ فإن السلامة منه كثيرة وإن لم تكن غالبة.
قلت: وعلى تقدير تسليم القياس المذكور، فهو قياس مع وجود الفارق؛ فإن مسألة الوقوف للأسد إلى أن يفترسه، داخلة في النهي عن الالقاء إلى الهلاك ومسألة الفرار جاء النهي الصريح عنها، فكيف يستويان؟.
(1) في الأصل: الأرض- تحريف، صوابه في ف، ظ: (2) في الأصل: الهوستاني، وفي ف: الهرشاني - كلاهما تحريف، صوابه في ظ.
وهو علي بن محمد بن علي الكيا الهراسي، أبو الحسن، الطبرستاني الشافعي، عماد الدين (ت: 504 ه)، وقداتهم بالياطنية- الأعلام: 3294، معجم المؤلفين: 220/7، هدية العارفين: 994/1، الشذرات: 8/4.
Shafi 220