206

ثم انقضت حياة بشار الودية، وما عدت تسمع له غير أبيات فاترة في الأسف على ما حيل بينه وبين هواه، فنال اليأس من قلبه، والقنوط من ضميره، وعاد من الهالكين.

ولقد نال أبا نواس إمام الشعراء في وصف الخمر، ما نال بشارا إمامهم في وصف النساء، فقد نهاه الأمين عن شربها وحبسه ابن أبي الفضل من أجلها، ثم كلم فيه، فأخرجه على أن لا يشرب خمرا، ولا يقول فيها شعرا، فطالت حسراته وكثرت زفراته، ثم قال:

أيها الرائحان باللوم لوما

لا أذوق المدام إلا شميما

نالني بالملام فيها إمام

لا أرى لي خلافه مستقيما

فاصرفاها إلى سواي فإني

لست إلا على الحديث نديما

جل حظي منها إذا هي دارت

أن أراها وأن أشم النسيما

Shafi da ba'a sani ba