جاءني كتاب خاص بتوقيع «علي الشايب» يذكر كاتبه أنه يخاطبني لأول مرة، ويرجوني أن لا أرد على الآنسة منيرة، ويود لو قصرت جهودي على بسط «مدامع العشاق» التي تنشر منها جريدة «الصباح» رسائل وجيزة لا تشفي الغليل، وقد بلغ من أدب الكاتب أن ترك لي الحرية في العمل بنصيحة أسداها إلي طوعا؛ لصداقة روحية قديمة العهد بالوجود. وبالأمس لقيني صديقي «عبد المجيد عيسى البيه» وأخبرني أنه طرب للمعركة التي قامت بيني وبين الآنسة منيرة على قدم وساق.
ومما يجمل ذكره أن الأديب علي الشايب يريد أن أعنى بمدامع العشاق في حين أن الصديق عبد المجيد البيه يريد أن أعنى بالرد على الآنسة منيرة لأصرف عن مدامع العشاق، وكان يود صديقي عبد المجيد أن يكون لهذه الأبحاث الطريفة بديل، هو البحث في الزهد والقناعة والعفاف - هدانا الله وإياه إلى سواء السبيل.
وأعود إلى خطاب الأديب علي الشايب، فأشكر له غيرته على صديق لم تؤلف بينه وبينه غير الأواصر الأدبية، وتلك - والله - سجية كريمة هي الغرة في جبين الغرائز والطباع، غير أني مع الشكر لغضبته الشريفة أؤكد له أني تلقيت خطاب الآنسة منيرة بأحسن قبول، وكدت أذوب خجلا وحياء لعتابها الرقيق. وأنا الذي ما زلت أعض بنان الندم على كلمة قاسية وجهتها إلى الآنسة مي الكاتبة المجيدة، وأنا أنقد خطبة أمين الريحاني في جريدة الأفكار، وكم فرحت حين انتصر لها كاتب في جريدة النظام قائلا: إن أدبي في خطاب الآنسة مي لا يتناسب مع الليسانس في الآداب.
لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليحسن النطق إن لم يحسن الحال
حقا إنها لجرأة غريبة أن يخاطب المرء سيدة أو فتاة، فيحاول الغض من مقامها الذي أعزه الله بالرفق والوداعة والجمال، فما أقساني يا صديقي وما أقساك! تريد أن لا أرد على الآنسة منيرة؛ لأنها تتطاول ظلما على طلبة الحقوق، وأريد أن تطمئن، وأن تقرأ قول حافظ بك إبراهيم:
وكيف يضيع للطلاب حق
وهم في مصر طلاب الحقوق
وقديما قال معاوية: إنهن يغلبن الكرام، ويغلبهن اللئام، وأنا لست بلئيم حتى أغلب الآنسة منيرة، فاللهم اشهد أنني مغلوب.
الأمان! الأمان! سلمت سيفي
Shafi da ba'a sani ba