Badaic Badaih
بدائع البدائه
على صنعه الآخر، فكان الذي قال:
حبذا ساعة المجرة والدو ... لاب يهدي النفوس مسره
أدهم لا يزال يعدو ولكن ... ليس يعدو مكانه قدر ذره
ذو عيون من القواديس تبدى ... كل عين من فائض الماء عبره
فلك دائر يرينا نجومًا ... كل نجمٍ منها يرينا المجره
وكان الذي قلت:
ودولابٍ يئن أنين ثكلى ... ولا فقدًا شكاه ولا مضره
ترى الأزهار في ضحكٍ إذا ما ... بكى بدموع عينٍ منه ثره
حكى فلكًا تدور به نجوم ... تؤثر في سرائرنا المسره
يظل النجم يغرب بعد نجمٍ ... ويطلع بعد ما تجري المجره
فعجبنا من اتفاقنا، وقضى العجب منا سائر رفاقنا.
قال ابن ظافررحمه الله
ومن هذا الاتفاق أيضًا ما أخبرني به ابن المؤيد ﵀ بمعناه، قال: اجتمعت مع جماعة من أدباء أهل الإسكندرية في بستان لبعض أهلها، فحللنا روضًا تثنت قامات أشجاره، وتغنت قينات أطياره، وبين أيدينا بركة ماء كجو سماء، أو مرقعة مراء، فنثر عليها بعض الحاضرين ياسمينًا زان سماءها بزواهر منيرة، وأهدى إلى لجتها جواهر نثيرة، فتعاطينا القول في تشبيهه، وأطرق كل منا لتحريك خاطره وتنبيهه، ثم أظهرنا ما حررنا، ونشرنا ما حبرنا، فأنشد العباس بن طريف الخراط الإسكندري:
نثروا الياسمين لما جنوه ... عبثًا فاستقر فوق الماء
فحسبنا زهر الكواكب تحكي ... زهر الأرض في أديم السماء
وأنشد الأديب أبو الحسن علي بن سيف الدين الحصري:
نثروا الياسمين لما جنوه ... فوق ماءٍ أحبب به من ماء!
فحكى زهره لنا إذ تبدى ... زهر الشهب في أديم السماء
قال: وكان الذي صنعته:
نثروا الياسمين في لجة الما ... ء فخلنا النجوم وسط السماء
فكأن السماء في باطن الأر ... ض أو الدر طف فوق الماء
قال: وسمع أبو عبد الله بن الزين النحوي القصة، ولم يكن حاضرًا معنا فقال:
1 / 131