من المتصوفة والمعقول من الحلول هو قيام موجود بموجود على سبيل التبعية ، فإن أرادوا هذا المعنى ، فهو باطل ، وإلا لزم افتقار الواجب ، وهو محال. وإن أرادوا غيره ، فلا بد من تصوره أولا ، ثم الحكم عليه بالنفى والإثبات : الثاني انه تعالى ليس فى جهة ، والجهة مقصد المتحرك ومتعلق الإشارة. وزعمت الكرامية انه تعالى فى الجهة الفوقية لما تصوروه من الظواهر النقلية ، وهو باطل : لانه لو كان فى الجهة ، لكان إما مع استغنائه عنها ، فلا يحل فيها ، أو مع افتقاره إليها ، فيكون ممكنا. والظواهر النقلية لها تاويلات ومحامل مذكورة فى مواضعها. لانه لما دلت الدلائل العقلية على امتناع الجسمية ولواحقها عليه ، وجب تأويل غيرها لاستحالة العمل بهما ، والا لاجتمع النقيضان أو الترك لهما ، وإلا لارتفع النقيضان ، أو العمل بالنقل واطراح العقل ، والا لزم اطراح النقل أيضا ، لاطراح أصله ، فيبقى الأمر الرابع ، وهو العمل بالعقل وتأويل النقل.
قال : ولا يصح عليه اللذة والألم لامتناع المزاج عليه تعالى .
اقول : الألم واللذة أمران وجدانيان ، فلا يفتقران الى تعريف ، وقد يقال فيهما : اللذة إدراك الملائم من حيث هو ملائم ، والألم إدراك المنافى من حيث هو المنافى ، وهما قد يكونان حسيين ، وقد يكونان عقليين ، فإن الإدراك اذا كان حسيا فهما حسيان ، والا فعقليان.
اذا تقرر هذا فنقول ، أما الألم فهو مستحيل عليه إجماعا من العقلاء اذ لا منافى له تعالى. واما اللذة فان كانت حسية ، فكذلك ، لانها من توابع المزاج ، والمزاج يستحيل عليه تعالى ، وإلا لكان جسما. وإن كانت عقلية ، فقد أثبتها الحكماء له تعالى وصاحب الياقوت منا ، لان البارى تعالى متصف بكماله اللائق به ، لاستحالة النقص عليه ، ومع ذلك فهو مدرك لذاته وكماله. فيكون أجل مدرك لأعظم مدرك باتم ادراك. ولا نعنى باللذة إلا ذلك. واما المتكلمون فقد أطلقوا القول بنفى اللذة ، إما لاعتقادهم نفى اللذات العقلية ، أو لعدم ورود ذلك فى الشرع فإن صفاته تعالى وأسماؤه توقيفية ، لا يجوز لغيره التهجم بها الا باذن منه ، لانه وان كان ذلك جائزا فى نظر
Shafi 20