116

المختلفة ، وهو مغاير للعلم والقدرة وساير الصفات المشهورة قديم مثلها ، ويسمى كلاما نفسيا. ومعنى كونه متكلما أنه متصف بالكلام النفسى.

وقالت المعتزلة والكرامية والحنابلة كلامه تعالى من الألفاظ والحروف المنظومة المترتبة لا غير ، لكن المعتزلة والكرامية قالوا بحدوثها والحنابلة بقدمها حتى أنهم بالغوا فقالوا بقدم الجلد والغلاف ، ويلزمهم القول بقدم المجلد والكاتب وامثالها بطريق الأولى كما لا يخفى.

ومعنى كونه متكلما عند المعتزلة كونه موجدا للكلام وعند الكرامية والحنابلة كونه متصفا به ، ومنشأ الخلاف فى القدم والحدوث أن هاهنا قياسين متعارضين :

أحدهما أن كلامه تعالى صفة له ، وكل ما هو صفة له فهو قديم ، فكلامه قديم.

وثانيهما أن كلامه مركب من حروف مترتبة متعاقبة فى الوجود ، وكلما هو كذلك فهو حادث ، فكلامه حادث.

فاختارت الأشاعرة والحنابلة القياس الأول ، واضطروا إلى القدح فى القياس الثاني.

فمنعت الأشاعرة صغراه بناء على أن كلامه تعالى ليس مركبا من الألفاظ والحروف ، بل هو معنى قائم به. ومنعت الحنابلة كبراه.

واختارت المعتزلة والكرامية القياس الثاني واضطروا إلى القدح فى القياس الأول ، فمنعت المعتزلة صغراه ، بناء على أن كلامه ليس صفة قائمة به ، بل بجسم من الأجسام ومنعت الكرامية كبراه ، بناء على تجويزهم قيام الحوادث بذاته كذا قالوا.

وفيه نظر ، لأن القياسين ليسا متعارضين على رأى الأشاعرة فان المراد بالكلام فى القياس الأول عندهم غير ما هو المراد به فى القياس الثاني ، إذا المراد به فى الأول هو الكلام النفسى ، وفى الثاني الكلام اللفظي ، فلا تعارض بينهما ، بل هم قائلون بكلا القياسين. والنزاع بينهم وبين غيرهم راجع الى إثبات الكلام النفسى ونفيه على ما لا يخفى.

ولا يذهب عليك أنه يتجه على القياس الأول أنه إن أريد بالصفة الصفة الموجودة منعنا الصغرى ، وإن أريد بها مطلق الصفة منعنا الكبرى. لأنه وإن لم يجز

Shafi 122