اعتقد با تايك أنها عشر روبيات وسلة مانجو فقط.
قال يو بو كين: «أخبر الزعيم أن المبلغ لا بد أن يكون عشرين روبية، وأن المشاكل ستلحق به وبقريته إن لم يصبح المال هنا غدا. سوف أرى الباقين في الحال. أخبر كو با سين بأن يأتي لي هنا.»
ظهر كو با سين في غضون لحظة. كان رجلا منتصب القامة، ضيق المنكبين، طويلا جدا بالنسبة إلى شخص بورمي، ذا وجه ناعم بشكل غريب يذكرك بالمهلبية بالقهوة. كان يو بو كين يجده أداة مفيدة، فقد كان يفتقر إلى الخيال ويعمل بجد، مما جعله كاتبا ممتازا، وكان السيد ماكجريجور، نائب المفوض يعهد إليه بأغلب أسراره الرسمية. كانت أفكار يو بو كين قد جعلته رائق المزاج فحيا با سين بضحكة وأشار إلى صندوق التانبول. «حسنا يا كو با سين، كيف صار موضوعنا؟ أرجو أن يكون، كما قد يقول عزيزنا السيد ماكجريجور - تحول يو بو كين إلى اللغة الإنجليزية - «في تقدم ملموس»؟»
لم يبتسم با سين على المزحة الصغيرة. لكنه أجاب وقد جلس متسمرا منتصبا على المقعد الشاغر، قائلا: «ممتاز يا سيدي. لقد وصلت نسختنا من الجريدة هذا الصباح. تفضل بالنظر.»
ثم أخرج نسخة من جريدة ثنائية اللغة تسمى «بورميز باتريوت»، عبارة عن جريدة رديئة وضيعة من ثماني صفحات، طبعت طباعة سيئة على ورق في رداءة الورق النشاف، واحتوى جزء منها على أخبار مسروقة من جريدة «رانجون جازيت»، وجزء آخر على بطولات قومية تافهة. وفي الصفحة الأخيرة انحرفت حروف الطباعة تاركة الصفحة بالكامل في سواد الفحم، كأنه حداد على ضآلة توزيع الجريدة. لكن المقال الذي فتح يو بو كين صفحته كانت طباعته مختلفة بعض الشيء عن الباقي. وقد جاء فيه التالي:
في هذه الأوقات السعيدة، التي ترتقي فيها الحضارة الغربية العظيمة بنا نحن السود المساكين، بأفضالها المتعددة من سينما ورشاشات ومرض الزهري ... إلخ، ما الموضوع الذي قد يكون أكثر إلهاما من الحياة الخاصة لأولياء نعمتنا الأوروبيين؟ لذلك نعتقد أنه قد يكون مما يثير اهتمام قرائنا أن يعرفوا شيئا عن الأحداث الواقعة في منطقة كياوكتادا في شمال البلاد، ولا سيما عن السيد ماكجريجور، نائب المفوض المبجل للمنطقة المذكورة.
السيد ماكجريجور من نوعية السادة الإنجليز كبار السن الطيبين، الذين لدينا أمثلة عديدة جدا منهم أمام أعيننا، في هذه الأيام السعيدة. إنه «رجل عائلة» كما يقول أبناء عمومتنا الإنجليز. السيد ماكجريجور رجل عائلة بحق، حتى إنه لديه ثلاثة أطفال بالفعل في منطقة كياوكتادا، التي لبث فيها عاما واحدا، وترك ستة أبناء صغار في آخر منطقة زارها، شويميو. قد يكون السهو هو ما جعل السيد ماكجريجور يترك هؤلاء الرضع الصغار دون أي إعالة، وأمهاتهم يواجهن الجوع ... إلخ.
كان هناك عمود آخر احتوى على أمور مشابهة، وكان رغم تفاهته أعلى كثيرا من مستوى بقية الصحيفة. قرأ يو بو كين المقال باهتمام لآخره، حاملا إياه على بعد ذراع - إذ كان بعيد النظر - فيما فغر شفتيه مفكرا، ليكشف عن عدد كبير من الأسنان الصغيرة السليمة المصطبغة بحمرة الدم من عصارة نبات التانبول.
ثم قال أخيرا: «سيحصل المحرر على ستة أشهر سجن على هذا.» «إنه لا يمانع؛ إذ يقول إن دائنيه لا يتركونه وشأنه إلا وهو في السجن.» «تقول إن الكاتب المتدرب الصغير لديك، هلا بي، كتب هذا المقال بمفرده؟ ذلك الفتى ذكي جدا، فتى واعد جدا! لا تقل ثانية إن هذه المدارس الثانوية الحكومية مضيعة للوقت. سيحصل هلا بي على وظيفة الكاتب لا شك.» «هل تعتقد إذن يا سيدي أن ذلك المقال سيكون كافيا؟»
لم يحر يو بي كين جوابا في الحال، وإنما بدأ يتردد صوته وهو ينفخ ويجاهد؛ إذ كان يحاول النهوض عن كرسيه. وكان با تايك يعرف هذا الصوت، فظهر من خلف ستار الخرز، ووضع هو وبا سين يدا أسفل كل من إبطي يو با كين وأنهضاه. وقف يو بو كين لحظة ليوازن ثقل بطنه فوق ساقيه، في حركة شبيهة بحمال السمك وهو يضبط حمله. ثم أشار إلى با تايك لينصرف.
Shafi da ba'a sani ba