النص المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي وعليه توكلي (2)
مسألة (3): في أهل بلد مرتدين أو بادية، وهم (4) بنو عم لرجل(5) _ ويجيء لهم ذكر عند الأمراء _ يتسبب بالدفع عنهم(6)، حمية دنيوية، إما بطرح نكال أو دفن نقائص المسلمين، أو يشير بكف المسلمين عنهم. هل يكون هذا موالاة نفاق، أو يصير كفرا(7)؟.
Shafi 11
وإن(1) كان ما (2)يقدر من نفسه(3) أن يتلفظ بتكفيرهم(4) وسبهم ما حكمه؟ وكذلك إذا عرفت هذا من إنسان ما يجب عليك؟. [أفتنا](5) مأجورا، وبين لنا(6). وجه الدليل على النفاق أو الكفر؟ جزاك الله خيرا(7).
الجواب(8): الحمد لله رب العالمين.
يجب أن تعلم(9) أولا(10) أيدك الله تعالى بتوفيقه: أن أوثق عرى الإيمان، الحب في الله والبغض في الله وأن الله افترض على المؤمنين (11)عداوة(12) الكفار والمنافقين، وجفاة الأعراب الذين يعرفون بالنفاق، ولا يؤمنون بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأمر (13)بجهادهم، والإغلاظ عليهم بالقول والعمل(14).
وتوعدهم(15) باللعن والقتل في قوله(16): (ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا) (17)، وقطع الموالاة بين المؤمنين وبينهم، وأخبر أن من تولاهم(18) فهو منهم. وكيف يدعي رجل محبة الله، وهو يحب أعداءه الذين ظاهروا الشيطان(19) على ربهم، واتخذوه وليا(20) من دون الله كما قيل:
Shafi 12
تحب عدوي ثم تزعم أنني ............صديقك إن الود عنك لعازب وبالجملة: فالحب في الله والبغض في الله، أصل عظيم من أصول الدين(1)، يجب على العبد مراعاته؛ ولهذا جاء في الحديث: ((أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله))(2)، وكذلك (3).
أكثر الله من ذكره في القرآن، قال الله تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء)(4) الآية.
قال بعض المفسرين: نهو أن يوالوا الكافرين ؛ لقرابة بينهم، أو صداقة قبل الإسلام، أو غير ذلك من الأسباب التي يتصادق بها ويتعاشر.
Shafi 13
/ وقوله: (من دون المؤمنين) يعني أن لكم في موالاة المؤمنين مندوحة(1) عن موالاة الكافرين(2)، فلا تؤثروهم (3)عليهم (ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء) أي ومن يتول(4) الكفرة، فليس من ولاية الله في شيء يقع عليه اسم الولاية. يعني أنه منسلخ من ولاية الله رأسا.
وهذا أمر معقول: فإن موالاة الولي وموالاة عدوه متنافيان.
وقوله(5): (إلا أن تتقوا منهم تقاة) رخص(6) لهم في موالاتهم إذا خافوا، ولم(7) يحسنوا معاشرتهم إلا بذلك، وكانوا معهم(8) مقهورين لا يستطيعون إظهار العداوة والبغضاء (9)لهم، فحينئذ تجوز المعاشرة ظاهرا(10)، والقلب مطمئن بالعداوة والبغضاء، حتى يزول(11) المانع كما قال تعالى:(إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)(12).
قال ابن عباس: ليس التقية بالعمل، إنما التقية باللسان(13).
Shafi 14
وقال أيضا: نهى الله المؤمنين أن(1) يلاطفوا الكفار، ويتخذوهم وليجة من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفار عليهم (2)ظاهرين؛ فيظهرون لهم اللطف، ويخالفونهم في الدين، وذلك قوله: (إلا أن تتقوا منهم تقاة) ذكره ابن جرير وابن أبي حاتم.(3) . (4) وقال تعالى: (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين)(1) الآية. قال القرطبي(2): أي(3) لا تجعلوا خاصتكم وبطانتكم منهم (4).
و(5) قال تعالى: (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) إلى قوله(6): (فإن حزب الله هم الغالبون)(7).
قال حذيفة رضي الله عنه: ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر وتلا هذه الآية: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) (8).
وقال مجاهد(9) في قوله: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم)(10) قال: هم (11)المنافقون في مصانعة اليهود، وملاحاتهم (12)واسترضاعهم أولادهم إياهم(13).
وقال علي رضي الله عنه في قوله: (أذلة على المؤمنين) قال: أهل رقة على أهل دينهم (أعزة على الكافرين)(14) قال: أهل غلظة على من خالفهم في دينهم(15) ومعناه(16) / عن غير واحد من السلف(17).
Shafi 16
وقال(1) تعالى: (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء) (2) الآية (3).
وقال تعالى: (ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون *) (4)والآية بعدها، وقال تعالى: (يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) (5).
فقد أمر الله تعالى بجهاد الكفار والمنافقين مع دعواهم الإسلام وأمر بالإغلاظ عليهم قولا وفعلا.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما في الآية: جاهد الكفار بالسيف والمنافقين باللسان. (واغلظ عليهم) قال: أذهب الرفق عنهم (6).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه في الآية (7): (جاهد الكفار والمنافقين) قال: بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وليلقه بوجه مكفهر، أي: عابس متغير (8) من الغيظ والبغض. ذكرهما (9) ابن أبي حاتم(10) وجاء معناه في حديث مرفوع رواه البيهقي في ((الشعب))(11).
Shafi 17
وقال تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ءاباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم)(1) الآية. فنفى(2) سبحانه الإيمان عمن هذا شأنه، ولو كانت موادته (3)ومحبته، ومناصحته لأبيه وأخيه(4) ونحوهم(5)، فضلا عن غيرهم.
وقال تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)(6).
قال ابن عباس: (ولا تركنوا) قال: لا تميلوا (7). وقال عكرمة (8): أن تطيعوهم أو تودوهم أو تصطنعوهم (9). معنى(10) (أو تصطنعوهم) أي: تولونهم (11) الأعمال. كمن يولي الفساق والفجار.
وقال الثوري (12) ومن لاق (13)لهم دواة أو برى لهم قلما، أو ناولهم قرطاسا دخل في هذا(14).
قال بعض المفسرين في الآية: والنهي(15) متناول للانحطاط في هواهم(16)، والانقطاع إليهم ومصاحبتهم، ومجالستهم وزيارتهم، ومداهنتهم والرضى بأعمالهم، والتشبه بهم والتزيي بزيهم، ومد العين إلى زهرتهم، وذكرهم بما فيه تعظيم لهم.
وتأمل قوله: (ولا تركنوا) والركون(17): هو الميل اليسير.
Shafi 18
وقال تعالى: (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء / تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق) إلى قوله: (ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)(1). وصح أن صدر هذه السورة، نزل(2) في حاطب بن أبي بلتعة (3)، لما كتب إلى المشركين يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم(4).
وجاء(5) في تفسير قوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر) الآية: أنها نزلت(6) في أبي عبيدة بن الجراح، لما قتل أباه يوم بدر. كما رواه الطبراني وابن أبي حاتم(7) والحاكم(8) وغيرهم(9).
وعن ابن جريج(10) قال: (حدثت أن أبا قحافة سب النبي صلى الله عليه وسلم، فصكه أبو (11)صكة [ف](12) سقط.فذكر ذلك(13) للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفعلت يا أبا(14) بكر؟ فقال: والله لو كان السيف قريب مني لضربته.
Shafi 19
فنزلت: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر) الآية. رواه [ابن](1) المنذر (2). وهذا والله أعلم في أول الإسلام؛ فإن أبا قحافة أسلم عام الفتح(3)، فلم يكن ليسب النبي صلى الله عليه وسلم بعد الإسلام. وأبو بكر خرج مهاجرا من مكة، ولم يعد إليها إلا بعد الإسلام أو في عمرة(4) مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عباس رضي عنهما: من أحب في الله وأبغض في الله، وعادى في الله ووالى في الله، فإنما تنال ولاية الله بذلك. رواه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم (5).
Shafi 20
وفي حديث رواه أبو نعيم وغيره عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أوحى الله إلى نبي من الأنبياء، أن قل(1) لفلان العابد: أما زهدك في الدنيا، فتعجلت راحة نفسك، وأما انقطاعك إلي فتعززت بي(2)، فماذا (3)عملت فيما لي عليك. قال: يارب وما [لك] (4)علي؟ قال: هل واليت لي وليا، أو عاديت لي عدوا)) (5).
وقال تعالى: ((والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)(6) فعقد تعالى الموالاة بين المؤمنين،وقطعهم من ولاية (7)الكافرين. وأخبر أن الكفار بعضهم أولياء بعض، وأنهم(8) إن لم يفعلوا ذلك، وقع من الفتنة والفساد الكبير شيء عظيم. وكذلك يقع!!!.
فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد، أو (9)علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا بالحب في الله والبغض في الله، والمعاداة في الله والموالاة في الله. ولو كان / الناس متفقين (10)على طريقة واحدة،
ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء، لم يكن فرقانا(11) بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان.
والآيات في هذا كثيرة.
وأما الأحاديث: فروى أحمد عن البراء بن عازب مرفوعا(12): ((أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله))(13).
Shafi 21
وفي حديث مرفوع: ((اللهم لا تجعل للفاجر عندي يدا ولا نعمة، فيوده قلبي. فإني وجدت فيما أوحيت(1) إلي: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله)(2) الآية)) رواه ابن مردوية (3)وغيره.
وعن أبي ذر مرفوعا: ((أفضل الأعمال: الحب في الله، والبغض في الله)) رواه أبو داود(4) [ورواه أحمد مطولا] (5).(6).
وفي ((الصحيحين)) عن ابن مسعود مرفوعا: ((المرء مع من أحب))(7).
وعن أبي(8) سعيد(9) مرفوعا: ((لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي)) رواه ابن حبان في ((صحيحه))(10)
وعن علي(11) مرفوعا: ((لا يحب رجل(12) قوما إلا حشر معهم)) رواه الطبراني(13) بإسناد جيد(14). قاله المنذري (15).
وقد روى أحمد(16) معناه عن عائشة بإسناد جيد أيضا(17).
Shafi 22
وعنها أيضا(1): ((الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا، في الليلة الظلماء، وأدناه: أن تحب على شيء من الجور، وتبغض على شيء من العدل، وهل الدين إلا الحب والبغض (2). قال الله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله)(3) الآية)) رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد(4).
فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم(5): الحب على شيء من الجور وإن قل، والبغض على شيء من العدل وإن قل من الشرك.
فليفكر العاقل في هذا الحديث (6)، وليحذر(7) أشد الحذر من موادة أعداء الله من الكفار والمنافقين.
Shafi 23
و(1)عن بريدة مرفوعا: ((لا تقولوا للمنافق(2): سيد(3)، فإنه [إن](4) يكن سيدا فقد أسخطتم ربكم عز وجل)) رواه أبو داود والنسائي(5) بإسناد صحيح (6)، ورواه الحاكم ولفظه: ((إذا قال الرجل للمنافق يا سيدي (7)، فقد أغضب ربه عز وجل)) وقال: صحيح الإسناد(8).
وعن ابن مسعود مرفوعا ((مثل الذي يعين قومه على غير الحق، كمثل بعير تردى في بئر فهو ينزع(9) بذنبه)) رواه(10) أبو داود وابن حبان(11).
قال المنذري(12): ومعنى الحديث: أنه قد(13) وقع في الإثم، وهلك كالبعير إذا تردى في بئر / فصار ينزع بذنبه، فلا يقدر على الخلاص. والأحاديث في ذلك كثيرة.
فصل: في ذكر(14) الآثار عن السلف في ذلك (15)
وهي كثيرة. فنذكر منها(16) بعضها:
Shafi 24
قال تعالى: (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بيننا لكم الآيات إن كنتم تعقلون * هأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا ءامنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور *) (1)والآية بعدها.
قال ابن عباس في الآية: كان(2) رجال من المسلمين، يواصلون رجالا من اليهود ؛ لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم(3) تخوف(4) الفتنة عليهم (يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم) [الآية. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم(5).
وعنه أيضا (لا تتخذوا بطانة من دونكم)](6) قال: هم المنافقون.
رواه ابن أبي حاتم(7).
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قيل له: إن هنا(8) غلاما من أهل الحيرة، حافظا كاتبا، فلو اتخذته كاتبا. قال(9): قد اتخذت إذن بطانة من دون المؤمنين. رواه ابن أبي شيبة(10).
Shafi 25
وعن الربيع(1) (لا تتخذوا بطانة) يقول (2): لا تستدخلوا المنافقين تتولوهم (3)دون المؤمنين(4).
وفي تفسير القرطبي في الكلام على هذه الآية: نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين بهذه الآية، أن يتخذوا (5)[من](6) الكفار(7) واليهود، وأهل الأهواء دخلاء وولجاء(8) يفاوضونهم في الآراء، ويسندون إليهم أمورهم.
ويقال: كل من كان على خلاف مذهبك ودينك (9)، لا ينبغي أن تخادنه(10).
قال(11) [الشاعر] (12):
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه(13) .........فكل قرين بالمقارن يقتدي(14).
وفي سنن أبي داود، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))(15).
Shafi 26
وروي عن ابن مسعود أنه قال: اعتبروا الناس بأخدانهم (1).
ثم بين [تعالى](2) المعنى الذي من أجله(3) نهي(4) عن المواصلة فقال (5)/ (لا يألونكم خبالا) يعني فسادا. يعني لا يتركون [الجهد](6) في(7) فسادكم.
قال(8): وقدم(9) أبو موسي الأشعري على عمر رضي الله عنهما بحساب، فرفعه(10) إلى عمر، فأعجبه. [وجاء عمر كتاب] (11)فقال لأبي موسي: أين كاتبك يقرأ هذا الكتاب على الناس؟. فقال: إنه لا يدخل المسجد !. فقال: [لم](12) !! أجنب هو؟ ! قال: إنه نصراني !!.
قال: فانتهزه وقال: لا تدنهم وقد أقصاهم الله، ولا تكرمهم وقد أهانهم الله، ولا تأمنهم وقد خونهم الله (13).
Shafi 27
ومن كتاب الإمام محمد بن وضاح(1): قال أسد بن موسى(2). (3): جاء في الأثر. من جالس صاحب بدعة (4)، نزعت منه العصمة ووكل إلى نفسه، ومن مشى إلى صاحب بدعة فقد مشى في هدم الإسلام (5).
وقال الأوزاعي(6): كانت أسلافكم تشتد عليهم أي على أهل البدع ألسنتهم، وتشمئز منهم (7)قلوبهم، ويحذرون، الناس بدعتهم (8).
وعن الحسن(9) قال: لا تجالس (10)صاحب بدعة فإنه يمرض قلبك (11).
وقال إبراهيم (12).(13): لا تجالسوا أهل البدع، ولا تكلموهم(14).
فإني أخاف أن ترتد قلوبكم(15). روى هذه الآثار ابن وضاح(16).
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رضي الله عنه(17): واعلم(18) رحمك الله أن كلام السلف،في معاداة أهل البدع والضلالة: [في](19) ضلالة لا تخرج عن الملة. انتهى كلامه(20).(21).
Shafi 28
فإذا كان هذا كلام(1) السلف، وتشديدهم في معاداة أهل البدع والضلال(2)، ونهيهم عن مجالستهم مع كونهم مسلمين(3). فما ظنك بمجالسة الكفار والمنافقين، وجفاة الأعراب الذين لا يؤمنون بالله ورسوله والسعي في مصالحهم، والذب عنهم، وتحسين حالهم
مع كونهم بين اثنين (4): إما كافر أو منافق. ومن يتهم (5)بمعرفة الإسلام(6) منهم قليل جدا(7).
فهذا من رؤوسهم وأصحابهم، وهو معهم يحشر(8) يوم القيامة.
قال الله تعالى: (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم)(9) الآية. وقال تعالى: (وإذا النفوس زوجت)(10) .
وقد تقدم الحديث: ((لا يحب رجل قوما إلا حشر معهم)).
......فصل: في التنبيه على حاصل ما تقدم
قد(11) نهي الله سبحانه عن موالاة الكفار، وشدد في ذلك، وأخبر أن من تولاهم فهو(12) منهم. وكذلك جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخبر النبي /صلى الله عليه وسلم أن من أحب قوما حشر معهم.
ويفهم مما (13)ذكرنا في(14) الكتاب والسنة والآثار عن السلف:
أمور من فعلها دخل في تلك الآيات، وتعرض للوعيد(15) بمسيس النار. نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه
أحدهما: التولي العام.
الثاني: المحبة والمودة(16) الخاصة.
Shafi 29
الثالث: الركون القليل. قال الله تعالى: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ** إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا *)(1) فإذا كان هذا الخطاب، لأشرف مخلوق صلوات(2) الله وسلامه عليه. فكيف بغيره؟.
الرابع: مداهنتهم، ومداراتهم.(3) قال الله تعالى: (ودوا لو تدهن فيدهنون)(4)
الخامس: طاعتهم فيما يقولون، وفيما يشيرون به(5). قال(6) تعالى: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)(7).
وقال تعالى: (ولا تطع كل حلاف مهين). (8). (9)
السادس: تقريبهم في المجلس (10)، والدخول [بهم](11) على أمراء الإسلام.
السابع: مشاورتهم في الأمور.
الثامن: استعمالهم في أمر(12) من أمور المسلمين. أي أمر كان: إمارة، أو عمالة، أو كتابة، أو غير ذلك.
التاسع: اتخاذهم بطانة من دون المؤمنين.
العاشر: مجالستهم ومزاورتهم، والدخول عليهم.
الحادي عشر: البشاشة لهم، وطلاقة الوجه (13).
الثاني عشر: الإكرام العام
الثالث عشر: استئمانهم وقد خونهم الله.
الرابع عشر: معاونتهم في أمورهم، ولو بشيء يسير(14)، كبري القلم وتقريب الدواة ليكتبوا ظلمهم.
الخامس عشر: مناصحتهم.
السادس عشر: اتباع أهوائهم.
السابع عشر: مصاحبتهم ومعاشرتهم.
الثامن عشر: الرضى بأعمالهم أو(15) التشبه بهم والتزيي بزيهم(16).
Shafi 30
التاسع عشر: ذكرهم بما (1)فيه تعظيم لهم، كتسميتهم سادة(2) أو(3) حكماء. كما يقال لطواغيتهم(4): السيد فلان. أو يقال لمن يدعي منهم(5) علم الطب: الحكيم أو(6) نحو ذلك.
العشرون: السكني معهم في ديارهم، كما قال النبي(7) صلى الله عليه وسلم: ((من جامع المشرك (8)، وسكن معه(9) فإنه مثله (10)) رواه أبو داود(11).
/ إذا تبين هذا. فلا فرق في هذه الأمور، بين أن يفعلها مع أقربائه منهم، أو مع غيرهم ؛ كما في آية المجادلة (12).
Shafi 31